الأحد، 20 يونيو 2010

أزمة دار فور والنفق المظلم مابين محادثات أنجمينا(تشاد)ومفاوضات أبوجا الملعونه ومجهودات الدوحه الجاريه

أزمة دار فور والنفق المظلم مابين محادثات أنجمينا(تشاد)ومفاوضات أبوجا الملعونه ومجهودات الدوحه الجاريه

ايها القارىء الكريم لقد توقفنا معك فى المقال السابق عند النقطه التى ذكرنا فيها أشكال وصور العمل المسلح الذى ظهر فى دارفور منذ بواكير عمليات التطور العملى لممارسة هذه المهنه السرطانيه على مجتمع دارفور المفتوح والمنفتح اصلا وتاريخا منذ القدم وهو ما اكدته الرويات المتواتره باعتباره مجتمع الكرم والضيافه وحسن المعشر وانه المجتمع القرآنى حقا وحقيقه . فاليوم سوف نتناول صوره اخرى من صور العمل المسلح بدارفور وهذه الصوره هى(المليشيات القبليه المسلحه) ولكن لابد من الاشارة الى تاثير الجغرافيا السياسيه على المنطقه محل الصراع وذلك من خلال دراسة الموقع الجغرافى لمنطقة دارفور ونلاحظ ان دار فور تجاور ثلاثة دول(تشاد/ افريقيا الوسطى/ ليبيا) وهذه تحاددها عن قرب لدرجة أن الفاصل الحدودي بين القرية السودانية والتي تجاورها من جانب الدولة الأخري لا يتعدي بضعةخطوات أو أمتار , وهذا يعني أن ملاحقة الجناة تحتاج إذن من الدولة صاحبة السيادة مع الاعتبار ان الصحراء الكبرى تفصل مابين دارفور وليبيا بمسافه تقدر ب 850 كليلومتر وبجانب هذا كله لابد من الاشارة الى صلة الجوار التاريخى والازلى مابين دارفور وصعيد مصر وهذا الجوار كان مربوط عبر طريق القوافل وطريق الواحات وطريق الساحل التجارى مع غرب افريقيا فهذه الحركه المروريه تولدت منها علاقات تجاريه ومصاهرات كان الاثر الواضح فى رسم ملامح الهويه حول منطقة حوض بحيرة تشاد كذلك لايفوتنى ان اذكر علاقات دارفور بدول غرب أفريقيا وهذه تميزت بالحركة الدينيه المتصوفه والتى كانت تجوب الديار مرورا الى الكعبه لزيارة الاراضى المقدسه قبلة المسلمين فتاثرت منطقة دارفور بحركة الوافدين اليها وهى مشهورة بنار القرآن وقبلة المتصوفين والشيوخ ورجالات الطرق الدينيه ومن اشهرها (الطريقه التيجانيه) والتى يرجع اليها الفضل فى تاسيس العلاقه الروحيه مابين الطريقه السنوسيه فى واحات ليبيا وأيضاء العلاقه الابويه مابين بلاد المغرب (فاس) والسنغال (الشيخ ابراهيم أنياس) فتداخلت الاجناس والقبائل والمجتمعات ففى زالنجى يوجد أثر للمغاربه وفى جبل مرة يوجد أصل للتونسيين وفى الجنينه يوجد كيان للسنغاليين والفولانه وفى نيالا توجد قوميات للهوسا والماليين وغيرهم من غرب أفريقيا .ولكن نعود الى مابدناه من وصف لحالة صور العمل المسلح بدارفور ونتناول الصوره الثانيه وهى:-
2- الميليشيات القبلية المسلحة :
ففي ظل هذا العجز الحكومي للتصدي لعمليات النهب المسلح التي تقع علي مشارف المدن , وعلي وضح النهار أحيانا لدرجة أن أصوات الرصاص تكون مسموعة للجهاز العسكري والأمني للدولة بولايات دارفور الثلاثه جهرا
فتولد لدي الأهالي شعور بعدم رغبة الجهاز الحكومي في توفير الأمن لهم وأن تراخي الجهاز الحكومي في إتخاذ إجراءات حاسمة وصارمة تجاه الظاهرة سيعرضهم وممتلكاتهم لمزيد من الهجمات والاضرار, كل هذا يحدث في الأقاليم جنبا إلي جنب مع الإشتباكات القبلية بين القبائل بالمنطقة فيما بينها وأحيانا يدور قتال بينى داخل القبيله الواحده , لأن الحروب القبلية مستمرة منذ أمد بعيد بالمنطقة , فهي تنشأ من وقت لآخر متي ما توفر لها المناخ المناسب , سواء كانت نتيجة إحتكاك حول الموارد أو وقوع فتنة بسبب حادث نهب معين ومن المؤسف فى هذه المنطقه احيانا سفكت دماء الابرياء بالمئات بسبب ان فلان قتل غنماية (ماعزه/ضأن ) فلان لانها أكلت من زراعته أما اذا وجد جمل فلان المسروق بطرف جمال فلان أخر فهذا حرب تتحرك فيه سيارات الدفع الرباعى واسلحة (الدوشك والكلب الامريكى ).والامثله على ذلك كثيره لاحصر لها ويمكن الرجوع الى مضابط سجلات بلاغات الشرطه
فمثلا اذا وقع حادث علي مجموعة من قبيلة معينة وهي طرف في نزاع مع قبيلة أخري , فإذا وقع حادث النهب مثلا في نفس دائرة النزاع المشار اليها فإن التأويل يكون اقرب إلي الإشاعة قرينة الصدق فتقود إلي فتنة قبلية تحصد الارواح هدرا وغدرا , فهنا لجأت القبائل إلي تأسيس تكوينات شبه عسكرية تعمل علي حماية مواردها وممتلكاتها ومراعيها , ساعد علي ذلك برامج التدريب العشوائي من قبل الجهاز الحكومي في مجال الدفاع الشعبي والشرطة الشعبية وقوات الفزع وغيرها وهذا زاد الطين بللا .
وهذا الأمر في دار فور كان مسنود إلي رجال الإدارة الأهلية والذين هم بدورهم أستكانوا الى هبات الدوله الفاشله فى أستباب الامن والاستقرار , والمؤسف حقا ان الدوله نفسها ركنت الى تاجيج نار الفتنه و إستفادت من تنفيذ أجندة القبيلة السرية في مشروع التكوينات المسلحة لحماية القبيلة , كما أن الجهاز الحكومي سمح لرجال الإدارة الأهلية بتدريب قوات إسمها قوات الفزع , بمعني أن هذه الميليشيات تتعقب الجناة من عصابات النهب المسلح في حالة وقوع الهجوم في دائرة إختصاصاتهم ولكن العمل لا يمكن أن يوصف بأنه أداء لواجب وطني في ظل وجود ما يعرف بهيبة الدولة وقدرتها علي إقناع المواطن بأنها تقوم بواجب الحماية والدفاع عنه بل كان ياخذ شكل الماموريه الهمجيه فتعوس فى الارض فسادا وتتجاوز اجندة المال المنهوب فتسرف فى الغنائم .
فواضح أن الجهاز الحكومي تخلي عن دور حفظ الأمن واسند المهمة إلي رجال الإدارة الأهلية في دار فور , وفات عليه أن رجال الإدارة الأهلية يمثلون رمزا للقبيلة التي تتعرض لهجمات من قبيلة أخري , ففي هذه الحالة ما علي رجل الإدارة الأهلية إلا أن يقود القبيلة فارسا مقداما , أو يحاصره منافس له في منصبه فى حالة عجزه عن القيام بهذا الدور , وهذا المنافس له غالبا ما يكون مسنود بسند ودعم من الجهاز الحكومي تطبيقا لنظرية ( فرق تسد ) وسياسة أشغل أعدائي بأنفسهم , لأن نظام الإنقاذ يعتبر أن أهل دار فور يمثلون معقل لحزب الأمة , وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها , ولا يمكن لحكومة الإنقاذ أن تصرف النظر عنها , وتبعدها عن إستراتجيتها في المستقبل إذا أجبرت علي الحياة الديموقراطية عبر ممارسة إنتخابية , وكثيرا ما جاءت تصريحات بعض المسئولين بدولة الانقاذ أن ظهور الميليشيات المسلحة في دار فور وفي السودان كان علي يد حزب الأمة , وهذا كان معروفا منذ تشكيل الجبهة الوطنية في ليبيا وهذا فى حد ذاته يؤكد ان سياسة الانقاذ هى (سياسة فرق تسد ) .
أما الحقيقه هى فى الاصل أن الجبهة الإسلامية كانت المسئولة عن عمليات توريد السلاح والقيام بمهمة عقد الصفقات , وحزب الأمة كان يقوم بتوفير المقاتلين , أما الحزب الإتحادي فهو من أهل الشمال , فكان بعيدا عن توفير مقاتلين فساهم بالقدر المطلوب من الدعم المادي فالمسئوليه مشتركه ومركبه عندما كانوا من مكونات مايعرف بالجبهة الوطنيه فى ليبيا والتى تكونت ضد نظام حكومة نميرى والتى سقطت فى 1986, وإستمرت عمليات إحتضان الميليشيات المسلحة بين حزب الأمة والجبهة الإسلامية , فالأول و صل إلي السلطة في إنتخابات 1986م , والثانية وصلت للسلطة عبر بوابة الإنقلاب في 1989م , وجاهرت بميليشياتها ولكن بطريقة مقننة عبر الدفاع الشعبي الذي كان مشروع قانون في 1981م فترة حكم نميرى , الغرض منه تسليح قبائل التماس في المناطق المجاورة لمناطق الحركة الشعبية لتحرير السودان(والغرض هنا هو مناطق كردفان ).
فدار فور كانت بعيدة كل البعد يومها عن مناطق التماس المشار إليها , ولكن لتنامي ظاهرة النهب المسلح وإستمرار الحروب القبلية في المنطقة إختلطت الأوراق في الأجندة السرية لكل من الجهاز الحكومي الذي يعمل علي إثارة الفتنة في مناطق دار فور وزعماء القبائل الملاحقون من قبل عشائرهم بممارسة حق الدفاع الشرعي للذود عن حياض القبيلة
فلعب أنصاف المثقفون دورا بارزا في هذا الإتجاه وذلك بإتجاهين :-
1-مجموعة أنصاف المثقفين التابعين للمؤتمر الوطني ( الحزب الحاكم في السودان ) سعوا إلي تنفيذ أجندة الجهاز الحكومي الخاصة بإقصاء رجال الإدارة الأهلية المتهمين بالولاء لحزب الأمة , وإحلالهم بعناصر موالية من أنصاف المثقفين للحزب الحاكم , وفات عليهم أن تنفيذ هذه الأجندة يعمل علي دعم مشروع نظام الجبهة الإسلامية بإثارة الفتنة ونجاح لسياسة ( فرق تسد ) المشروع الحضارى المزيف.
2-مجموعة من أنصاف المثقفين عملت علي تحريك الشعور تجاه القيام بواجب الدفاع الشرعي عن القبيلة ومكتسباتها , وتحريك الخطاب السياسي في إتجاه الإثنية والعرقية والنعرات القبلية , وساعد علي ذلك عجز الجهاز الحكومي عن القيام بواجب حفظ الأمن والإستقرار بجانب إنعدام التنمية وغيابها تماما مع إستمرار الفقر والمرض والجهل في المنطقة , وعدم إستيعاب الفاقد التربوي كما أن الإلتفاف حول القبيلة أصبح مدخل لمكسب سياسي في مجال الحصول علي المناصب في الجهاز الحكومي , فوجدت الحكومة ضالتها في هؤلاء حتي لو أنهم ينتمون لإتجاهات سياسية أخري عملت علي تشجيعهم على كسب مناصب عليا فى الدوله بغرض إزكاء نار الفتنة , ووجدت فيهم الوسيلة التي تقوم بتنفيذ أجندة الجبهة الإسلامية الخاصة ( فرق تسد) , هذا السلوك اضعف رجال ألإدارة الأهلية بدار فور لأن الأمر بالنسبة لهم بين سندانين , إما الإستجابة لرغبات الجهاز الحكومي في تنفيذ أجندته أو الإقصاء من المنصب والإحلال بآخر منافس له , وإما الإستجابة لرغبات أنصاف المثقفين وتكوين الميليشيات القبلية , وهذا إذكاء لنار الحرب القبلية وتعميق الجراحات وتمزيق النسيج الإجتماعي , وهذا ما حدث فعلا الآن في منطقة دار فور التي دخلت إلي النفق المظلم محليا وإقليميا وعالميا .
هذه السياسه المشار اليها كان المتضرر الاكبر منها هو مجموع القبائل العربيه بالمنطقه وهاهى اليوم دخلت فى صراع وقتال بينى فيما بينها فنجحت الانقاذ فى تنفيذ أشغل أعدائى بانفسهم فالعرب يتقاتلون قيما بينهم بعد ان قاتلوا بجانب الدوله الفاشله والعاجزه عن صد هجمات تمرد جزئى ومحلى داخلى وأما الضرر الاكبر والاخطر هو أن بعض المجموعات الاخرى بدارفور تسعى جاهده الى طرد القبائل العربيه من دارفور والقضاء عليها تماما فحتى الان من الملاحظ ان كثير من قيادات القبائل العربيه فى غفله تامه من المخطط المرسوم نحو طرد القبائل العربيه من الاقليم وهنا نشير الى مشروعات يخطط لها بعض الافراد وأكرر بعض من الافراد من قيادات العمل المسلح بدارفور ومنهم خارج السودان والاخرين مندسين داخل السودان فاذا ما قدر للسودان ان يبصم قهرا وقسرا على أجندة الانفصال بحلول استفتاء عام 2011 م فان القبائل العربيه من دارفور الى كردفان فهى فى وش المدفع وفى مرمى النيران الصديقه فلا المؤتمر الوطنى يملك من الجنود حماية عرب دارفور ولا الحركة الشعبيه هى الاخر حريصه على عرب الضعين وعرب أبيى .
أسماعيل أحمد رحمه /المحامى/فرنسا0033689267386

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق