الأربعاء، 30 يونيو 2010

مشكلة دارفور-أحمد أبو سعدة
التاريخ: الجمعة 19 مارس 2010
الموضوع: تاريخ
المحاضرة التي ألقاها الكاتب والباحث في الشؤون الإفريقيه الأستاذ أحمد عبد الفتاح أبوسعدة في المركز الثقافي العربي بمدينة اللاذقية بتاريخ 15/3/2010 

وذلك بدعوة من وزارة الثقافة مديرية الثقافة في مدينة اللاذقية -دار الأسد للثقافة في قاعة النشاطات الثقافية-ط3

مشكلة دارفور 
لماذا وإلى أين......؟

يهدف هذا البحث إلى رصد وتحليل الأوضاع السائدة حالياً في  اقليم دارفور  لما يزيد عن عشرة سنوات تم فيها البحث والتقصي عن أسباب وخلفيات هذه المشكلة 
التي وصلت إلى /حد/ الصراع، ومن ثم التطرق إلى العوامل الهامة التي كانت السبب من وراء تحويلها من مشكلة داخلية ذات أبعاد وملامح قبلية إلى أبعاد مركبة تدخلت فيها القوى الإقليمية والدولية بحيث لم تترك هذه القوى الغربية بقاء المشكلة داخلية-داخلية كأي مجتمع متعدد الأعراق.

لقد صب الغرب الزيت على النار ليشغل بال المجتمع العالمي وبالتالي يحقق أغراضه المبيتة أصلاً، وهذا ما دفع بمجلس الأمن الدولي والمسيطر عليه من قبل أمريكا وحلفائها إلى إصدار أكثر من ثلاثين قراراً دولياً حول هذه المشكلة على مدى سنواتها الأخيرة دون أن يظهر هناك أية بوادر في وضع حل لها مما يضع حدا لهذه المشكلة السودانية البحتة.
سوف اتطرق في هذا  البحث إلى أهم القوى الإقليمية والدولية ودورهما في هذا الصراع وذلك من خلال مواقفها وعملها ثم علاقتها بطرفي المشكلة(المفتعلة) ممثلين في كل من حكومة السودان من طرف وحركات التمرد من طرف آخر، حتى نعلم مدى خطورة هذه المشكلة التي تشكل خطراً مميتاً على أمن ووحدة شعب وأرض السودان ومن خلفها المصالح الاستراتيجية للعالم العربي والإسلامي والتي تتمثل في منطقة حوض النيل والقرن الإفريقي ممثلا في دوله  العربية. 
ولا بد لى أن أشير إلى أن أخطر ما في هذه المشكلة هو الشرخ الاجتماعي الذي حصل في مجتمع دارفور الواحد وأقصد ما بين بعض القبائل العربية وبعض القبائل الإفريقية علما بأن  75% من القبائل الإفريقية الدارفورية جذورها عربية، إن الذي نخشاه من هذا الشرخ في المجتمع الدارفوري هو أن يكبر ويصل إلى درجة عميقة لا تستطيع المعالجة السياسية السيطرة عليه.
إنني أرى  أن ردم هذا الشرخ ليس بالأمر الهين وعليه يجب التفكير في معالجته سياسيا  واجتماعيا، ومن الممكن اعتبار الاتفاق الإطاري الذي وقع في قطر يوم 23/2/2010 مابين الحكومة السودانية وعدة حركات متمردة هو بداية الحل لهذا (المشكلة الشرخ) ولست هنا في صدد تحليل هذا الاتفاق الآن. 
جغرافيه دارفور 
تبلغ مساحة إقليم دارفور 510-570 ألف كم مربع.
يمتد إقليم دارفور على طول غرب السودان أي من الحدود الليبية شمالاً إلى إقليم جنوب السودان.
يحد الإقليم من الشمال الولايات الشمالية وليبيا ومن الغرب جمهورية تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى ومن الجنوب ولاية  بحر الغزال وهذه الولاية تابعة للإقليم الجنوبي أما من الشرق فيحده إقليم كردفان.
ينقسم إقليم دارفور إلى ثلاث ولايات:
1-شمال دارفور
2-غرب دارفور
3-جنوب دارفور
أما عواصم هذه الولايات فهي على التوالي: الفاشر-الجنينة-نيالا.
تركيبة سكان دارفور:
انضمت دارفور إلى السودان بمحض إرادتها عام  1917 م لكن ذلك لا يعني أنها لم تكن تابعة له قبل ذلك ،فقد خضعت للعهد المصري وذلك من خلال الزبير باشا.
دانت دارفور للدولة المهدية من عام 1884 إلى عام 1898م
بقيت دارفورسلطه  مستقلة مدة قصيرة أي من عام 1898 إلى عام 1916 وكانت فترة استقلالها خلال حكم السلطان علي دينار الذي هو آخر سلاطين دارفور.
لكن السلطة الدارفورية عادت للحكم الثنائي المصري الانكليزي  من يوم انضمامها إلى السودان في عام 1917 وبقيت خاضعة له لغاية استقلال السودان عام   1956
يبلغ  عدد سكان دارفور /7/ مليون نسمة جميع سكانها مسلمون بخلاف جنوب السودان ويقدر عدد الرحل من أهالي دارفور 15% والباقي مستقرين.
ينقسم سكان دارفور إلى قسمين كبيرين:
القسم الأول: ويضم القبائل الإفريقية وأهمها (الفور-الزغاوة-المساليت-البرتي...........).
القسم الثاني:ويضم القبائل العربية وأهمها (الرزيقات-التعايشة- المسيرية-الهبانية-بني هلبة....).
خلفية التقسيم:
إن خلفية التقسيم تنبع من العامل القبلي والعنصري وهذين العنصرين مدفوعين حالياً من قبل الغرب الصليبي،التي له دورأساسي في تغذية  المشكلة، كما أن الغربيين أدخلوا في بعض العقول الإفريقية الدارفورية أنهم مهمشين من قبل السلطة السودانية المركزية. 
وعلينا أن نعلم أن معظم القبائل في إقليم دارفور والبالغ عددها  196 قبيله بما فيها   من القبائل العربية لها امتدادات في كل من جمهورية تشاد وليبيا وخاصة قبيلة الزغاوة التي لها امتداد كبير في جمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد ويجدر بنا أن نعلم ايضا أن حاكمي تشاد وإفريقيا الوسطى هما من الزغاوة.
المعادن والنفط في دارفور:
تشير المعلومات العلمية على إن إقليم دارفور يحتوي على العديد من المعادن مثل اليورانيوم والنحاس والحديد كما أنه يحتوي على مخزون نفطي هام جداً كذلك توجد في دارفور ثروة حيوانية ضخمة.
وقد وضحت صورة السودان الحالي في العهد العثماني –المصري 1820-1885 م لكن قبل هذا التاريخ ساد صراع قبلي هيمنت فيه بعض القبائل على غيرها، على أثر ذلك قامت عدة سلطنات إقليمية مثل سلطنة الفور في الغرب وسلطنة الفونج في أواسط السودان وسلطنة المسبعات في كردفان.
أما حكم المهدية فقد اتسم بأنها حركة شعبية دينية لكنها لم تتمكن من تغيير البيئة الاجتماعية لتلك المجتمعات لذلك بقيت العصبية القبلية قائمة لكنها انطوت قليلاً (تحت السطح) لكن الحكم الانكليزي- المصري قام بإحيائها من خلال إطار ما يسمي بالإدارة الأهلية. 
وجاء الاستقلال وفيه تعاقبت حكومات وطنية منها المدنية ومنها العسكرية وضمن إمكانياتها اهتمت هذه الحكومات بالتعليم والصحة وعلى مرور الزمن ازداد عدد الناس والحيوان لكن هذا التزايد لم يرافقه أي تحول أو تقدم في البيئة الاجتماعية والاقتصادية وظل الرعي والزراعة التقليدية المتبعة قديما تشكل السمة الأساسية لهذه المجتمعات. 
وبمرور الوقت زاد النزاع حول الموارد كالرعي والمياه لكن هذه النزاعات كانت محدودة ضيقة بحيث يتم السيطرة عليها وتسويتها من خلال تفاوض أخوي محلي ينهي فيها النزاع بجلسة واحدة وفيما يلي أقدم  مثالا على هذه النزاعات .
 فما بين أعوام 1980-1998وقع حوالي ثلاثين نزاع قبلي بين قبائل دارفور المختلفة هذا النزاع لم يكن قائماً على أساس عرقي الذي كنت قد أشرت إليه سابقا فمن هذه النزاعات نجد خلافا حصل ما بين قبيلة الرزيقات وقبيلة بني هلبة وهاتان القبيلتان عربيتان وكذلك حصل نزاع آخر ما بين قبيلة الرزيقات والمسيرية، الأولى عربية والثانية إفريقية ،انتهى نزاعهما في جلسة واحدة حضرها شيوخ وزعماء هاتين القبيلتين، كما أننا نجد النزاع  في قلب القبيلة الواحدة كالذي حدث بين زغاوة السودان وزغاوة التشاد في عام 1996 هذا النزاع انتهى مثل ما انتهى غيره، (جلسة واحدة فقط).
لكن هذه النزاعات بدأت تأخذ منعطفا آخر نتيجة الحرب الأهلية التشادية في أعوام الستينات والثمانينا ت والتدخل الليبي في هذا النزاع مما حول إقليم دارفور إلى ساحة خلفية لهذا الصراع نظرا للتداخل القبلي بين القبائل العديدة فالحدود تعتبر مفتوحة كذلك المساحات شاسعة يتوجها ضعف الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال الذي انتشر السلاح في ظله بشكل كبير وخطير وما للفيلق الإسلامي الذي اوجد في دارفور من قبل ليبيا إلا مثالاً لذلك.
كيف بدأ وتطور الصراع
بدأ النزاع الذي تطور وأصبح صراعاً ما بين قبائل المزارعين وأخرى من الرحل حول الرعي والمياه لكن مع مرور الوقت وتراكم الأخطاء ومعالجتها بشكل خاطئ (معالجة عسكرية معظمها) وترافقت هذه المعالجة الخاطئة مع وقف إطلاق النار في الجنوب وتوقيع اتفاق سلام شامل   كما كان للعديد من النقاط التي وردت في اتفاقية السلام التي وقعت بين الحكومة السودانية ومتمردي الجنوب اثر بالغ لدى متمردي إقليم دارفور فقد طالب هؤلاء المتمردون بالحصول على ما حصل عليه متمردوا الجنوب(1) من خلال  حربهم التي استمرت لسنوات طويله مع الحكومة السودانية  هذه السنوات الطوال والتي ذهب ضحيتها آلاف السودانيين. (1)
لكن مشكلة إقليم دارفور تختلف كلياً عن مشكلة إقليم جنوب السودان وخاصة من حيث التكوين الاجتماعي لكلا الإقليمين. 
ومشكلة دارفور لم تحظى في البداية باهتمام وسائل الإعلام العالمية  وكذلك القوى الدولية لأن قمة تفجيرها  تزامنت مع غزو أمريكا وحلفائها للعراق بعدها بدأ الإعلام  العالي يركز على المشكلة وذلك من خلال الدور التي رسمته أمريكا لبعض القادة المتمردين الذين  التجئوا إلى العديد من العواصم الغربية /باريس-لندن- واشنطن-برلين-/ أثنائها تم تشكيل العديد من اللجان والجمعيات المساندة لهذه المشكلة المفتعلة ومن أهمها مؤسسة ما سمي بـ (أنقذوا دارفور) هذه المؤسسة مملوكة لعدة شخصيات صهيونية أمريكية كما أن العاملين فيها قريبين من دوائر صنع القرار في كل من أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وغيرها وهذه المؤسسة تجد تعاطفاً كبيراً لها في البلدان الاسكندينافية لكن سرعان ما لفتت هذه الجمعيات انتباه العالم الغربي من خلال تركيزها على النتائج /الإنسانية/ لهذا الصراع المفتعل ثم حديثها عن قضية خطيرة (حسب رأيها) وهي قضية اللاجئين وقد طبعت هذه الجمعيات الغربية المشكلة وأعطته بعداً دولياً على أنه تطهير /عرقي/ للقبائل الإفريقية من قبل القبائل العربية في هذا الإقليم وقالت إن القبائل العربية مدعومة ومسلحة من قبل الحكومة السودانية وفي هذا الصدد يقول المتمرد /عبد الواحد محمد أحمد نور/ وهو زعيم حركة تحرير السودان.
-إذا أردتم إنقاذ شعبي في دارفور فعليكم أن تضعوا حداً للتصفية العرقية اليوم وليس غداً ثم يضيف هذا المتمرد قائلاً:
(أترجى حلف الناتو والاتحاد الأوروبي التدخل فوراً في دارفور مثل ما فعلتوا في كوسوفو وإذا لم تفعلوا فإن أهالي دارفور يخشى أن يندثروا وكان هذا الخطاب في باريس يوم 16 كانون الثاني عام 2007م.)
من خلال كلام زعيم فصيل للمتمردين هذا والإصغاء له من قبل السياسيين الغربيين يتضح مدى تأمر الغرب على مستقبل السودان العربي بشكل عام وعلى دارفور بشكل خاص.   
الجماعات المتمردة 
من الصعب ضبط الجماعات والحركات المتمردة في دارفور وخاصة بعد مرور عدة سنوات على اندلاع القتال وخاصة إن هذه الحركات المتمردة قد شهدت انقسامات عديدة في داخلها وخاصة بين قادتها الميدانيين هذا الانقسام سببه أمرين أساسيين.
السبب الأول: هو ضعف التجربة السياسية والميدانية لها فهي جاءت مع بداية المشكلة التي لم تكن موجودة أصلاً كمنظمات سياسية وطنية محلية إن هذه التنظيمات المتمردة هي من صنع الغرب ومكتوب عليها (صنع في الغرب).
السبب الثاني: هو سياسة الحكومة السودانية والتي تمثلت في الحل العسكري الذي تقدم على الحل السياسي والاجتماعي وربما هذا التصرف صحيح وناتج عن تجربتها مع حركات التمرد في الجنوب.......
كما إنه من حق الحكومة السودانية أن تفعل ذلك من أجل الحفاظ على وحدة البلد وهذا أمر طبيعي لأي نظام وطني  يريد الحفاظ على أرضه وشعبه.
أهم الحركات المتمردة في دارفور:
أولاً:جبهة تحرير السودان (حركة تحرير السودان)
ترأس هذه الجبهة المتمردة المحامي عبد الواحد محمد نور الذي ينتمي إلى قبيلة الفور.
أما الأمين العام للجبهة فهو /مني أركومناوي/ ومعظم قادة هذه التنظيمات كانوا ضباط عسكريين في الجيش السوداني والتشادي والامر الذي جمع هؤلاء العسكريين هوكونهم من قبيلة واحدة وبعد تشكيل هذه الجبهة لفترة قصيرة انقسمت إلى قسمين، القسم الأول قاده( عبد الواحد محمد نور) والآخر قاده ( مني أركو) وجناح /مني/ هو الوحيد الذي وقع على اتفاق أبوجا مع الحكومة السودانية ويشغل الآن (مني أركو) منصبا رفيعا في الدولة السودانية؟.
تخاطب جبهة تحرير السودان الناس بأن  شعب دارفور مهمش وأبنائه مستبعدين من المشاركة في السلطة كذلك تنتقد هيمنة الفئات التي حكمت وتحكم السودان و تنادي بحكم ذاتي موسع وإعادة بناء السودان على أسس جديدة وتقول أيضاً أن سكان دارفور ليس لهم  أي خيار سوى اللجوء إلى المقاومة المسلحة (انشطرت هذه الحركة إلى عدة حركات لكن معلمها واحد)؟.
ثانياً: حركة العدل والمساواة:
يقود حركة العدل والمساواة الدكتور /خليل إبراهيم/الزعيم الذى وقع على اتفاق الدوحةالاطارى  وخليل إبراهيم من أبناء قبيلة الزغاوة وكان قبل ترأسه حركة العدل والمساواة عضوا في حزب المؤتمر الوطني الحاكم كذلك شغل منصب وزير الصحة بإقليم دارفور لفترة طويلة بعدها أعلن عن تأسيس حركة العدل والمساواة في شهر آذار /مارس/ عام 2003 عبر بيان  صدر في لندن وباللغة الانكليزية.
 أما أهم أهداف حركة  العدل والمساواة فهي
 فصل الدين عن الدولة و بناء سودان جديد، كذلك دعت الحركة إلى تحالف ماسمتهم بالمهمشين ضد سلطة الحكومة المركزية وإتاحة دور أساسي للمهمشين فى قيادة الدولة.
ثالثاً: حزب التحالف الفيدرالي:
يتزعم المدعو /أحمد إبراهيم الدريج/ حزب التحالف الفيدرالي ، يقيم المدعو /الدريج/ في لندن وينتمي /الدريج/ إلى قبيلة الفور وله نائب يدعى شريف حرير وهو من قبيلة الزغاوة أيضاً.
وحزب التحالف الفيدرالي هو التنظيم الوحيد الذي كان قائما ككيان سياسي قبل اندلاع النزاع في دارفور  
- التحالف الثوري لغرب السودان. 
وهو عبارة عن تجمع عدة حركات متمردة
وقد حاولت هذه الحركات المتمردة أن تتوحد مع بعضها ضمن إطار واحد ونتج عن هذه المحاولة /التحالف الثوري لغرب السودان/ والذي تشكل في طرابلس الغرب في شهر كانون الثاني من عام2006 لكن سرعان ما انهار عندما وقع  /مني أركو/ على اتفاق /أبوجا/ للسلام في حين امتنعت بقية الأطراف عن التوقيع.
المعالجة الأولية للحكومة السودانية لمشكلة دارفور:
لم تكن معالجة الحكومة السودانية للمشكلة في بادئ الأمر معالجة سياسية واجتماعية، فقد راهنت على الخيار العسكري  لذلك عملت حكومة السودان على ضرب التمرد في مهده لكن بشكل يحتاج إلى دبلوماسية سياسية.
فاللجوء للخيار العسكري كانت له مضاعفات خطيرة على وضع ومجريات الأحداث فيما بعد وعلى امتداد السنوات التي أعقبت هذا الخيار.
لذلك كان يتوجب على الحكومة السودانية أن لا تفكر بإنهاء  المشكلة الدافورية عسكرياً بل كان عليها أن تعلم أن المفاوضات السياسية والاجتماعية هي التي تنهي هذه المشكلة كون الحسم العسكري الميداني لا يحل هذه المشكلة المعقدة وفي هذه الظروف .
مواقف القوى السياسية الداخلية من مشكلة دارفور:
أولاً: حزب الأمة:
يقول الصادق المهدي زعيم حزب الأمة الآتي:
على الرغم من أن الصراع في دارفور له أبعاد تاريخية واجتماعية وفجوة تنموية وخدمية وصراع بين المستقرين والرعاة على الموارد الطبيعية بالإضافة إلى المشاكل القبلية ومشاكل   دول الجوار وهذا ما ساعد على توافر السلاح لدى المتمردين[1] إلا أنه وبالرغم من دور تلك العوامل في تفجير الصراع في دارفور إلا أن النظام السوداني ساهم بإضافة عدد من المشاكل وهي:
1-مسالة الإثنية المسيسة.
2-معاداة الحكومة وحمل السلاح.
 3-  حجم المأساة الإنسانية
وبرأيي أن كلام السيد الصادق المهدي لاينطلق من الواقع بل هو افتراء على حكومة الإنقاذ وهذا ناتج عن كون الإنقاذ هي التي أطاحت بالمهدي ونظامه.
ثانياً: حزب المؤتمر الشعبي
يترأس حزب المؤتمر الشعبي الشيخ /حسن الترابي/ هذا الحزب يوجه انتقادات كثيرة لشركائه السابقين في السلطة فهو يقول:
إن السياسة القمعية التي اتبعتها ومارستها الحكومة في معالجة القضية هي التي أدت إلى الواقع المأساوي الذي يعيشه اليوم أهالي إقليم دارفور  وعلينا ان نعلم باْن رئيس حزب المؤتمر الشعبي /حسن الترابي/  هو من أوائل الذين دعموا التمرد في دارفور بل أنه له اليد الطولى في إشعاله (1)
ثالثاً: الحركة الشعبية لتحرير السودان:
الحركة الشعبية لتحرير السودان هي حركة التمرد في جنوب السودان وتعتبر هذه الحركة شريكة في السلطة حاليا حسب ما نصت عليه اتفاقيه السلام الموقعة بينها وبين الحكومة السودانية، لكن قادة الحركة الانفصالية الجنوبية وعلى رأسهم /سلفا كير/ نائب رئيس الجمهورية الأول ورئيس حكومة الجنوب ورئيس الحركة أيضاً قد أدلى بتصريح إلى قناة الجزيرة في يوم السبت الواقع في 2 آذار /مارس/ من العام الفائت عبر فيه وبكل ثقة عن تأيده لتدخل دولي في إقليم دارفور بعد فشل الحكومة السودانية حسب رأيه في وقف هذا الصراع وما أسفر عنه من مآسي إنسانية.
إن هذا الرأي معارض تماماً للموقف الرسمي للحكومة السودانية التي تعتبر الحركة الشعبية شريكة فيها . 
إن تصريح المذكور يبرز حقيقة موقف هذه الحركة الانفصالية من المشكلة الدارفورية بالرغم من أنها شريكة في الحكومة فهي لم تنس أبداً أنها معارضة ومعارضة مسلحة أيضاً وتسعى للانفصال لقد تجرأت هذه الحركة وعارضت الموقف الرسمي للحكومة السودانية وكذلك الرأي الشعبي الوطني  إن هذا الأمر سوف يزيد في تعقيد الوضع في دارفور.
 لقد جرت جولات عديده من المفاوضات بين المتمردين الدارفوريين والحكومة السودانية هذه الجولات لم تحقق شيئاً سوى إعلان للمبادئ هذا الإعلان كان قد تم تأسيسه على البروتوكولين الأمني والإنساني الذين تم توقيعهما سابقاً في أبوجا نيجيريا:
وكانت قد جرت جولة سابقة للمفاوضات في أبوجا في شهر أيار /مايو/ عام 2006 م وتوصل الطرفان عندها إلى اتفاق سلام شامل وشمل ثلاث قضايا مهمة وأساسية وهي:
1-ترتيبات أمنية
2-تقاسم السلطة
3-تقاسم الثروات
لكن وللأسف إن هذا الاتفاق لم توقعه إلا الحكومة السودانية ومعها حركة تمرد واحدة وهي حركة /مني أركو منياوي/ أحد أجنحة /جبهة تحرير السودان( أصدرت جبهة التحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور بيانا حول اتفاق إطار السلام الذي وقع الدوحة مؤخرا قالت فيه: إن هذا أمر لا يهمنا مطلقا ونحن غير معنين به) وبدوري أقول:  
أرجو أن لا يبقى اتفاق الدوحه الإطاري حبراً على ورق فقط .
الدول والمنظمات المؤثرة في هذه المشكلة:
أ.الموقف المصري:
إن موقف مصر من المشكلة القائمة في دارفور، هو موقف سلبي وكأن السياسة المصرية تقول مادامت المشكلة الدارفورية تدور خارج حوض النيل لمسافة تزيد عن 800 كم فلا خوف على استقرار منسوب مياه نهري النيلين المتدفقة إلى مصر أمر عجيب.
إلا أن هذا يبقى كلاما مقال؟ أي أن مصر لا تريد أن تترجم إدراكها لخطورة التدخل الدولي في المنطقة لإيجاد مخرج لهذه المشكلة الخطيرة من خلال نفوذها ودورها الإقليمي في المنطقة ،علما بأن مصر حكمت دارفور في عهد محمد علي باشا ومن خلفه فهي تعرف عن الإقليم أكثر من   غيرها   كما إن مصر دولة عربية علمانية لكنها مسلمة والسودان عربي مسلم أيضاً وأهالي دارفور عرب وأفارقة وكافة القبائل الإفريقية في دارفور مسلمة كما أن معظمها تنحدر من جذور عربية.
الموقف الليبي:
إن للنظام الليبي أوراق كثيرة في المنطقة الدارفورية وقد زاد اهتمام ليبيا بالمشكلة عندما أصبح الوضع القائم في دارفور يهدد الاستقرار في التشاد، فليبيا حريصة جداً على استقرار نظام الرئيس /دبي/ وكذلك حريصة ألا يمتد هذا الصراع إليها ولذلك فهي تحافظ على علاقات جيدة مع كافة حركات التمرد الدارفورية وكذلك الجنوبية، فالمعروف أن ليبيا فتحت مكاتب للمتمردين وأمدتهم بالمال وبالسلاح أيضاً وهي تحاول دائماً أن تظهر بأنها تقف على الحياد حتى تخفف غضب السودان والشعوب العربية المتعاطفة مع الشعب السوداني ثم تحاول ليبيا أيضاً أن تظهر أنها لا تملك أي أوراق ضغط على حركات التمرد فهي تظهر السياسة الليبية (حيادية) وتدعو إلى عدم التدخل بين ما يمس أطراف المشكلة وهذا شكل ظاهري، إنما الحقيقة هي أن ليبيا تتحرك في مشكلة دارفور بشكل يزيد الطين بلة وكما ذكرنا فهي تدعم كافة حركات التمرد في دارفور ولو كان هذا الدعم على حساب نزيف الدم في دارفور وهنا نشير إلى أن ليبيا هي التي شكلت بما عرف بالفيلق الإسلامي وهذا الفيلق يمثل الآن أكثر من نصف حركات التمرد. 
 موقف ارتريا من مشكلة دارفور:
منذ وصول أفورقي إلى قمة السلطة في إرتريا والعلاقات السودانية الارترية لا تستقر على حال، فهي بين مد وجزر رغم أن السودان كان عمق الثورة الارترية أثناء فترة الكفاح المسلح فالنظامين   السوداني والإرتري لا يطمئن أحدهما على الآخر.
السودان العربي يعرف بدقة التحالف الاستراتيجي لنظام أفورقي مع العدو الصهيوني و أفورقي يعرف من هم حكام السودان العرب وما هو برامجهم وإستراتيجيتهم ، من هذا الوضع تسعى إرتريا دائماً لامتلاك ورقات توجع وتؤرق  بها السودان من حين لآخر، فمنذ انطلاق التمرد ولأول مرة في دارفور وإرتريا تستقبل قيادات التمرد وتدعمهم بالسلاح كما أن أفورقي وصل بين بعض المتمردين الدارفوريين وإسرائيل منذ الأيام الأولى من عمر التمرد ، فقد انشق سبعة من أعضاء المكتب السياسي للتحالف الفيدرالي السوداني عن الحزب احتجاجاً على مشاركة /شريف حرير/ نائب رئيس الحزب في لقاءات عقدت بترتيب من رئيس إرتريا أفورقي و مجموعة من مسلحي دارفور ومسئولين إسرائيليين في إحدى السفارات الاسرائيلية بإحدى دول غرب إفريقيا وقد كشف الصادق هارون المتحدث الرسمي باسم المجموعة المنشقة حيث قال عن اللقاء التالي:
خلص اللقاء إلى حصول جيش دارفور على بعض التمويل تلتزم به إسرائيل عبر الحكومة الارترية.
 وللأسف هذا ما يفعله النظام الإرتري المعادي للعرب وللثقافة العربية علما بأن إرتريا تحررت بمال وسلاح عربي وبدماء إرترية. ويجب علينا ان نعلم باْن اول بندقيه كلاشنكوف ظهرت فى الساحه الارترية كانت سوريه .
ث. موقف دولة التشاد من المشكلة الدارفورية:
إن موقع ودور دولة تشاد في مشكلة دارفور والصراع الدائر هام وحساس نتيجة للعوامل التالية:
1- العامل الجغرافي:
فمن المعروف أن طول حدود إقليم دارفور من الجهة الغربية هو مع دولة تشاد الذي يبلغ (600) كيلو متر مربع والمنطقة هذه ذات طبيعة صحراوية وفي غالبيتها مفتوحة وغير خاضعة للمراقبة لا من جهة السودان ولا من جهة تشاد فطول هذه الحدود وطبيعتها القاسية وكذلك بعدها عن مركزي الدولتين جعلهما عاجزين عن مراقبتهما وضبطها.
2- العامل القبلي: 
كلا  الطرفين العربي والإفريقي هما من القبائل المختلطة و المشكلة للسكان في إقليم دارفور كما أن للقبائل الدارفورية امتداداتها في دولة التشاد .
وتؤوي جمهورية التشاد كافة حركات التمرد الدارفورية وكذلك تدعمها بالمال والسلاح حتى قيل إن دولة التشاد هي القاعدة الخلفية للمتمردين التي يشنون منها هجماتهم على القوات السودانية المتواجدة حكما في دارفور، إن هذا الوضع هو الذي سبب توتراً قوياً في العلاقات التشادية السودانية بل أدى إلى قطع العلاقات بين البلدين الجاريين المتداخلين مع بعضهما البعض( الأرض والبشر) طبعاً أن الحكومة التشادية تعمل وفق الأجندة الغربية وخاصة الفرنسية ومثال على ذلك: 
إن التمرد الذي حصل في تشاد ضد الرئيس /إدريس دبي/ مؤخراً  والذي وصل فيه ثوار التشاد إلى أحياء العاصمة نيجامينا بل إلى القصر الجمهوري ولولا التدخل الفرنسي القوي لصالح إدريس دبي لسقط النظام  التشادي حينها أي أثناء المعارك التي خاضتها قوات حكومة تشاد ومعها القوات الفرنسية ضد الثوار وقد اتهمت حكومة /دبي/  السودان بأنه هو الذي يقف وراء الثوار التشاديين؟. إن التمرد الذي سحق من قبل القوات الفرنسية المرابطة وبشكل دائم في التشاد لم يقضي عليه تماماً بل انه مازال مستمراً في شرقي دولة التشاد المحاذية  لإقليم دارفور كما إن المتمردين التشاديون لازالوا محتفظين بمواقع كثيرة هناك على الأرض التشادية.
وهذا الأمر هو الذي دفع الرئيس التشادي /دبي/ إلى زيارة السودان مؤخراً لإنهاء العداوة بينهما وفتح صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين ومما يجدر ذكره أن دبي جاء إلى السلطة بمساندة السودانيين).
ومن الأكيد أن دور دولة تشاد دور محوري أساسي في الصراع الدائر في دارفور وأن  لها دوراً أساسياً مهما في إنهاء الصراع القائم الآن عبر تهدئة الأوضاع وتوقيع اتفاقية سلام مع السودان بموجب هذه الاتفاقية إذا عقدت تستطيع تشاد أن تضغط بل تمنع حركات التمرد الدارفورية من الانطلاق من أراضيها عندها تستطيع الحكومة السودانية أن تضغط   على حركات التمرد لتستجيب لها وتجلسهم على طاولة المفاوضات التي من الممكن أن تفضي إلى توقيع اتفاقية سلام دائمة منهية بها هذه المشكلة المؤلمة لكن الخوف سوف يأتي من الدول الغربية الحاضنة للمتمردين وعلى رأسها أمريكا من عرقلة أي اتفاقية سلام تبرم مع التشاد والمتمردين و سوف يحصل هذا لأن الولايات المتحدة تريد السيطرة على المنطقة بما فيها السودان عندها سيبقى الصراع  قائما ما لم تقف  الدول العربية وقفة واحدة بيد واحدة مع السودان العربي وتفهم الغرب وعلى رأسه أمريكا أن المصلحة العربية هي واحدة  (أرجو أن يحصل هذا).
وأخيراً أقول إن النظام التشادي لن يعرض نفسه للخطر ويوقع اتفاقية سلام مع السودان ما لم يرضي الغرب عن ذلك، أي عدم خروجه من تحت مظلته ولو بإصبع واحد وهذا الأمر يكون متمثلاً في فرنسا راعية وداعمة النظام التشادي فالدول الغربية لا تريد لهذا الصراع أن ينتهي قبل حصولها على ثروات السودان من معدن  ونفط وزراعة وغيرها وتكون دارفور في قبضة يدها.
دور المنظمات الدولية
أ- الاتحاد الإفريقي:  
رعى الاتحاد الإفريقي عدداً من المؤتمرات والعديد من جلسات الحوار بين الحكومة السودانية وحركات التمرد كما ساهم في التوصل لكل الاتفاقات التي حصلت لغاية الآن والتي   من بينها اتفاق نيجامينا لوقف إطلاق النار وكذلك اتفاق أبوجا وكذلك أصدر الاتحاد الإفريقي العديد من القرارات  لمعالجة الوضع ميدانياً كان من أهمها قرار إرسال قوات إفريقية لحفظ السلام وبلغ عدد هذه القوات سبعة آلاف جندياً وكلهم أفارقة.
لكن  القوى الدولية  تعمل جاهدة على إنهاء دور الاتحاد الإفريقي أو تأجيره لها كاملاً دون قيد أو شرط وخاصة في استبدال قواته المتواجدة في دارفور بقوات أخرى دولية تحت إشراف الأمم المتحدة تطبيقا للقرار 1706  بحجة أن القوات الإفريقية غير قادرة على القيام بدورها نظراً لضعف إمكانياتها المادية وغيرها ،لكن لغاية الآن لم تحقق الولايات المتحدة رغبتها في إزالة قوات الاتحاد الإفريقي رغم صدور قرار الأمم المتحدة رقم 1706 ويعود ذلك إلى رفض السودان لقوات دولية تكون تابعة لأمريكا المهيمنة على الأمم المتحدة.
ب- دور الأمم المتحدة:
بعد أن أبرم اتفاق نيفاشا للسلام بين الحكومة السودانية وحركة التمرد في الإقليم الجنوبي هذا الاتفاق تزامن مع اندلاع القتال في دارفور( أكيد لم يحصل بالصدفة) هذا الأمر جعل مجلس الأمن يدمج قرار قضية  دارفور في صلب قراراته الصادرة حول السودان حيث أصدر مجلس الأمن أكثر من ثلاثين قراراً لم تنفذها حكومة السودان جميعها، إن مجلس الأمن يريد بهذه القرارات أن يربط حل قضية دارفور بحل قضية الجنوب.
مواقف القوى الدولية الغربية التي تريد فرض مصالحها في السودان والمنطقة الإفريقية.
1- الولايات المتحدة الأمريكية:
بالرغم من تورط أمريكا في وحل العراق فإنها لم تغب ولو للحظة واحدة عن الصراع الدائر في دارفور، فقد استطاعت المؤسسات الإعلامية الغربية التي تقف ورائها مائة وثمانمائة وسبعون منظمة إنسانية وحقوقية ذات التوجهات الدينية في أكثرها والتي سمت نفسها /أنقذوا دارفور/ أن تجعل من مشكلة دارفور القضية الثانية بعد العراق والذي دار حولها التنافس في انتخابات الكونغرس الأخيرة وذلك من خلال بثها إعلانات تحت عنوان /كونوا صوتهم/ على الشبكات الرئيسية الثلاثة في أمريكا بالإضافة إلى شبكة فوكس نيوز وشبكة (سي إن إن  ) وقد تصاعد الموقف في الآونة الأخيرة بقضية دارفور إلى حد أن قام النائب(دونالد  باين/ عضو لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس الأمريكي بقيادة مظاهرة مساندة لمتمردي دارفور أمام البيت الأبيض وألقى خطبة عصماء وقد شاركه في المظاهرة بعض النواب الذين رفعوا شعارات تندد بالإبادة  الجماعية في دارفور حسب توجهاتهم ومما لا شك فيه بأن هناك أجندة خفية تقوم على السعي لحصار الحكم الحالي والتدخل في شؤون السودان تمهيداً للسيطرة على موارده المعدنية والنفطية الهامة.
2- الصين:
من المعروف إن للصين مصالح إستراتيجية في كافة أنحاء إفريقيا وما تنظيمها للمؤتمرات والقمم الصينية الإفريقية على مدار السنوات الأخيرة إلا دليلاً على أهمية هذه القارة حاضراً ومستقبلاً  كما إن حجم استثماراتها أصبح يفوق حجم استثمارات قوى دولية تقليدية في القارة الإفريقية ومن خلال هذه الإستراتيجية يبرز السودان على رأس الدول الإفريقية التي تراهن عليها الصين في هذه القارة نظرا لكبر مساحته وموقعه الجغرافي والسياسي  وما يملكه من مخزون المعادن والنفط التي يتمتع بها، وهذا مثال على ذلك 6% من واردات النفط الصينية يتم استيرادها من السودان أي ما يعادل /200,000/ مائتي الف برميل يوميا كما إنها تقف على العديد من المشاريع في مجال التنقيب والسدود والبنية الأساسية عامة.
 من خلال هذه المكانة الهامة في السياسة الخارجية والاقتصادية للصين فإن حكومة السودان تراهن على الموقف الصيني الداعم لها وعندما زار الرئيس الصيني /جينتاو/ السودان حدد أربع
مبادئ لحل مشكلة دارفور وهذه المبادئ هي:
الأول: احترام سيادة السودان ووحدة أرضه.
الثاني:حل القضية بالوسائل الدبلوماسية والالتزام بالحوار والتنسيق على أساس المساواة
الثالث: يتعين على الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة القيام بأدوار بناءه في مهمة  حفظ السلام في دارفور 
الرابع:يتمثل في ضرورة تحسين الوضع في دارفور والأحوال المعيشية للسكان المحليين.
وقد قال ممثل الحكومة الصينية في مجلس الأمن عند مناقشة القرار 1706 بعد إقراره الآتي:
يمثل انتقال بعثة الاتحاد الإفريقي في السودان إلى بعثة الأمم المتحدة نهجاً جيداً وواقعياً؟ ولن يصبح ذلك الانتقال ممكناً ولا يمكن نشر البعثة إلا حيثما يتم الحصول على موافقة الحكومة السودانية ذلك هو فهم الاتحاد الإفريقي وقرار مجلس الأمن أيضاً، هنا وقف مندوب الصين عن الكلام حيث إنه لم يأت بشيء جديد.
الموقف الفرنسي 
إن فرنسا حريصة على عدم قطع شعرة معاوية مع السودان لإدراكها أن الاستقرار في تشاد يمر عبر السودان وهذا ثابت تاريخيا كما أن الفرنسيين يريدون أن يتميزون من حين لآخر في دورهم عن الدور الأمريكي في المنطقة خاصة بعد الاكتشافات النفطية التي قامت بها شركة /شفرون/ الأمريكية في التشاد والتي يمكن أن تحول تشاد إلى دولة نفطية وهذا ما سيحول هذا البلد إلى استقطاب / فرنسي-أمريكي/ وكذلك فرنسا التي لعبت دورا أساسياً في استصدار القرار 1593 والقاضي بتحويل ملف دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية وكذلك لعبت دورا مهما مع الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا في استصدار القرار رقم 1706 الذي رفضه السودان.
الموقف الإسرائيلي:
لا يختلف عن الموقف الغربي بل هو داعم أكثر للمتمردين، وهذا يتمثل في دعم المتمردين وتقديم السلاح  والخبراء لهم. 
رؤية الأوضاع وتطورها في إقليم دارفور
1-الرؤية الأولى
تتضمن الرؤيه الأولى على إمكانية تطبيع العلاقات السودانية التشادية لكن بشروط ، وهذه الشروط متمثلة في ضغط وكبح الحكومة التشادية لحركات التمرد الدارفورية وخاصة الحركات التي لم توقع على اتفاق الدوحة وبالتالي دفعها إلى حضور أية قمة مستقبلية  وذلك من اجل وضع حلا لهذا الصراع الدامي وفي مقابل ذلك تحصل دولة التشاد على تعهدات واضحة من الحكومة السودانية بوقف دعمها لحركة الثوار القائمة في شرق تشاد.
2- الرؤية الثانية:
تتعنت حركات التمرد التي لم توقع على اتفاق /الدوحة/ وذلك من خلال رفضها الرجوع إلى دائرة المفاوضات خاصة أن هذه الحركات قد زاد دعمها بالمال والسلاح من قبل القوى التي تعمل على تأجيج الصراع من أجل المزيد من استنزاف حكومة السودان في خطة تهدف في الآخر إلى إسقاطها، فقرات السيناريو هذا ستلعب فيه العلاقات التشادية السودانية دوراً هاماً .
(إن زيارة الرئيس التشادي اليوم إلى الخرطوم وتوقيعه عدة اتفاقيات لا تعني عند اللذين يعرفون ويعلمون ببواطن الأمور شيئاً إلا إذا توقفت تشاد عن دعم المتمردين الدارفوريين. 
وإذا لم يحصل ذلك فسيعود مجلس الأمن ويطالب حكومة الخرطوم بتطبيق القرار رقم 1706 ثم يبدأ التهديد من خلال المادة 41 من ميثاقه التي بموجبها يمكن فرض عقوبات شديدة على السودان وخاصة حول شراء السلاح وإذا تم شراء السلاح من جهة ما  فسوف يمنع الجيش السوداني من استعماله وخاصة قدراته الجوية وهذا ما يفقد الجيش السوداني القوة المؤثرة المهمة في تحركاته وحسمه للكثير من المعارك وفي ظل هذا الوضع سوف تبادر بعض القوى الدولية كأمريكا وفرنسا للتدخل عسكريا من الحدود التشادية لتدعم حركات التمرد ثم تسيطر على مناطق ومدن دارفور وهذا أمر كارثي لأنه سوف يحول إقليم دارفور إلى ساحة قتال تتجاذب فيه الصراعات العرقية على مدى طويل وعلى شاكلة ما كان موجودا في جنوب السودان.
وعلينا أن نعلم أن الصين هي الدولة الأساسية في توريد وتزويد الجيش السوداني بالسلاح وبعدها تأتي دول المنظومة الاشتراكية المنحلة فهل ستقف الصين عند حدوث هذا الأمر موقف المتفرج ،الجواب ليس صعبا فالعرب مروا في تجارب كثيرة في هذا الشأن سابقاً مع الاتحاد السوفياتي السابق ،فهل الصين غير الاتحاد السوفيتي أكيد نعم لكن المواقف في ظروف كهذه ربما واحدة.
3-الرؤية الثالثة والأخيرة
تقول الرؤية الثالثة للمشكلة الدارفورية أن على الحكومة السودانية ألا توافق على قرار مجلس الأمن رقم 1706 إلا بعد أن تحصل على ضمانات و قبل أن يقع تحديد الدول التي ستشارك في القوات الأممية (طبعا تنفيذ هذا الأمر سوف يكون بعيدا عن قوات الاتحاد الإفريقي) والشيء الخطير في هذا الأمر هو وجود قوات غربية فيها و التي سوف تساند قوات التمرد في كل الأحوال وربما تقبل حكومة الخرطوم بعض فقرات هذا القرار في المستقبل،علما بأن هذه القرارات  والتي أصبحت حاليا لا تفيد ولا تصلح، لكن حكومة  السودان تعتقد أنها بموافقتها على بعض فقرات القرار سوف تستطيع أن تنزع  أسلحة المتمردين وهذا أمر لا يمكن أن يحصل لأن لب المشكلة هو قطع إقليم دارفور عن أمه السودان الكبير وخاصة إن إقليم الجنوب في طريقه ربما للانفصال.
نهاية هذه الرؤية  ربما يكمن في اتفاق الدوحة وتنفيذه وأكيد أن الحكومة السودانية ستنفذه لكن الخطر يكمن في حركات التمرد وإذا لم تنفذه  فسوف  نجد الحكومة السودانية نفسها مضطرة إلى القبول بالقرار الدولي لكن قبولها لهذا القرار سوف يكون له مضاعفات خارجية و داخلية هامة وتداعيات خطيرة كون تطبيق هذا القرار سوف يكون لصالح المتمردين وخاصة إذا لم تقبل حكومة الخرطوم بمشاركة المتمردين  في كثير من القضايا المصيرية  للسودان وهذا أمر ينذر بقيام فوضى على كافة الأصعدة المصيرية الداخلية السودانية أما التصدي لهذا القرار لن يكون إلا بقيام الدول العربية بالوقوف مع السودان وقفة حقيقية بعيدة عن أية مصالح خاصة / كالإيحاءات الخارجية مثلاً؟ وإلا سوف تضاف كارثة جديدة أخرى إلى كوارثنا ولذلك على كافة الحكومات العربية أن تدعم اتفاق الدوحة الإطاري.
ما الذي يرى في مشكلة دارفور
إن أخطر ما في مشكلة دارفور هو الشرخ الاجتماعي الذي أصبح يدب في أوصال هذا المجتمع العربي والمسلم ،إن استمرار هذه المشكلة ونتيجة لعمل القوى الغربية وخاصة المتصهينة التي تعمل ليلا نهاراً في إذكاء نار الفتنة بين أهالي مجتمع دارفور ، إن هذه الفتنة لا تقل خطورة عن فتنة الشيعة والسنة في العراق إذ لم تكن أخطر كون دارفور متعددة الاعراق، إن هذه الفتنة إذا استمرت لن يتوقف دورها على تفتيت السودان بين عرب وزنوج هذه الفتنة ستمتد إلى التشاد فخمس سكانها من القبائل العربية؟ وكذلك جنوب ليبيا فقبيلة الزغاوة الإفريقية لها امتدادات هناك   وكما بينا أن القاعدة الشعبية الكبيرة لفصائل التمرد في دارفور كما يمكن لهذه الفتنة أن تمتد إلى كافة بلدان  القرن الإفريقي الذي هو خليط بين قبائل عربية وأخرى إفريقية -إفريقية ومن هذه البلدان هي التالية: إثيوبيا-الصومال-زنجبار-ارتريا-إن هذه الفتنة التي يشعلها الغرب بين أبناء البلد الواحد تزداد يوما بعد يوم وأرجو أن تعي وتدرك ذلك الحكومات العربية.
إن على كافة الأنظمة العربية والإسلامية أن تتدارك هذا الشرخ وإلا سوف  تكون نتائجه كارثية عليها. 
إن غياب الدور العربي والإسلامي في عدم معالجة قضية إقليم دارفور سوف يزيد في استفحال/ المرض الشرخ/ الذي بدأ يعشش في جسد أهالي إقليم دارفور.
كما إن هذا الشرخ سوف يرسخ  الشعور لدى أهالي دارفور بأن العرب والمسلمين لم يهتموا بقضيتهم وكأنهم ليسوا جزءاً من هذه الأمة.
مشروع الحل السياسي
إن الحل السياسي لمشكلة دارفور إذا وجد وإذا تحقق فلا نعتقد بأنه سيعالج /المرض الشرخ/ ولا آثاره ولذلك نرى أن المعالجة لا بد أن تكون خارج الإطار السياسي التقليدي لأنه قد رشح عند أكثرية سكان دارفور غير العرب من انحياز الحكومة السودانية لطرف دون آخر إن هذا الإدعاء يكون فيه كثيرا من الإجحاف بحق الحكومة السودانية الوطنية لكن هذا ما تروجه المؤسسات /الإنسانية الإغاثية والحقوقية/ وهي التي تدس السم في العسل لحوالي مليوني ونصف لاجئ هربوا من القتال الدائر في الإقليم في ظل غياب دور عربي فعال.
على العرب أن يقوموا بحملة كبيرة ومنظمة تشارك فيها كل المؤسسات الحكومية والخاصة و الخيرية ومنظمات الإغاثة العربية والإسلامية وهذا الأمر إذا حصل يكون الرقم /صفر/ في بداية الحل لمشكلة دارفور كما أن التواجد العربي هذا سوف يطرد الجمعيات الغربية الصهيونية من ساحة دارفور وعلينا أن ندرك أنه إذا سلمنا بحيادة هذه الجمعيات الغربية  وهذا أمر مشكوك فيه وغير صحيح /فهي لن تعالج/ المرض الشرخ/ الحاصل بين سكان دارفور بل بالعكس تماماً أي تزيد في  تعميقه، إن تواجد العرب على رأس الجمعيات والمؤسسات التي تغيث النازحين من أهل دارفور، هذا الأمر إذا حصل فإنه سوف يزعزع القناعة بل يزيلها من عقول من تلقفوها التي أوجدها الغرب المتصهين ومؤسساته في نفوس كثير من أهالي دارفور والتي هي في الأصل سبب معاناتهم. 
على العرب وخاصة الزعماء والقادة والشخصيات السياسية العربية القيام  بزيارات ميدانية والاتصال بالقبائل وزعمائها وخاصة المتضررين منهم في مدنهم وقراهم وكذلك في مخيمات اللاجئين  وإن يرافق هؤلاء الشخصيات  زعماء وقادة من كافة القبائل الدارفورية حتى لا يشعر أهالي دارفور أنهم ضعفاء مساكين .
ملاحظة: قام أمين الجامعة العربية /عمرو موسى/ بزيارة إلى دارفور  وقد رافقه في زيارته هذه  المندوبين الدائمين لدى الجامعة العربية، وهذا أمر جيد وفي غاية الاستحسان ولاكن حبذا لو ان هذا الوفد قد ضم بعض زعماء ورؤساء القبائل الدارفورية علينا أن  نفهم توجهات وخصوصيات أهالي دارفور بشكل جيد.
لكي نستطيع أن نلملم ونضمد الجراح  العميقة التي خلفتها آثار المشكلة المفتعلة من قبل الغرب إنه لمن المؤكد أن الكثير من أهالي دارفور لم يكونوا مرتاحين بشكل من الأشكال لزيارة وفد الجامعة العربية وسبب ذلك  هو عدم وجود أي زعيم أو رئيس قبيلة مع هذا الوفد، وأكيد سوف تكون لهذه/الرحلة/ تداعيات غير محمودة، علينا قراءة التاريخ بشكل معمق لنستطيع حل هذه المشكلة المعقدة.
إنه لمن المخجل أن يأتي الغربيون أفراداً وجماعات وجمعيات ومؤسسات ويرابطوا إلى جانب أهالي دارفور لأيام وأشهر في حين لا يروا أثراً لإخوانهم العرب والمسلمين.
وفي هذا الجانب نستطيع أن نذكر إن الاكتفاء بالزيارات البرتوكولية الاستعراضية إلى العاصمة الخرطوم والى مدن دارفور وعقد اجتماعات وجلسات تدور فيه الكاميرات يميناً ويساراً حيث تلقى الخطب الرنانة الحماسية لا تفيد إن هذا أمر مخجل ولا من شأنه أن يعالج المشكلة ويبعد شبح الفتنة المهددة بصراع أثني عرقي أكيد لن تعاني منه دارفور لوحدها فقط بل إنه من الممكن إن يمتد لهيب نار الفتنة ويحرق الكثير من دول المنطقة وربما القريبة منها كلها، عندها تكون القوى الغربية المتصهينة قد أكملت مشروعها بتقسيمها للأمة العربية والإسلامية فتحكم قبضتها عليها وعلى مقدراتها وثرواتها بعد أن أشعلت فيها نار الفتنة الطائفية وخاصة في شرقها وهو  مهيأ لهذا الأمر؟.
ثم تشعل بعد ذلك فتنة أثنية عرقية في غربها بين العرب والزنوج وهذا الأمر مهيأ لذلك أيضاً. إننا نعرف أن كثيراً من الدول الإفريقية مكونة من عرب وأفارقة بتفاوت،ومنهم مصر والسودان والقرن الإفريقي شرقاً إلى المغرب وموريتانيا وكذلك السنغال غرباً ومروراً بالتشاد ومالي والنيجر وأكثرية شعوب هذه الدول مسلمة كما إنها مؤيدة للحق العربي فى فلسطين والجولان وجنوب لبنان كما أنها ضد الغزو الأمريكي الصهيوني للعراق وأفغانستان.
الخطوات الأساسية الواجب إتباعها.
أولاً: على كافة الدول العربية والإسلامية ومؤسساتها الحكومية والأهلية تبني أعداداً كبيرة من طلاب إقليم دارفور وخاصة الراغبين في الدراسة الجامعية لأن هؤلاء الطلاب سوف يكونون السد المنيع بوجه الفكر الغربي المعادي لعقيدتنا .
 ثانياً: تفعيل دور الجامعة العربية من خلال دعمها ومنحها الإمكانيات القوية اللازمة لكي تقوم بالتعويض للاجئين ولاْهل ضحايا العنف فى إقليم دارفور.
ثالثاً: علينا إدراك النتائج الخطيرة التي من الممكن أن يترتب عليها تواصل هذا الصراع والذي أخذ بعداً آخر زاده في تعقيداته هو: إن مجلس الكنائس العالمي وصنيعه مجلس عموم أفريقيا يعملان وفق رؤيته المعادية للعرب والمسلمين وهي  محاولة تغيير عقيدة أهالى إقليم دارفور        (كل أهالي دارفور مسلمين،وأكثريتهم يحفظون القرآن الكريم).
إن مجلس الكنائس العالمي يريد أن يفعل في دارفور مثل ما فعل في جنوب السودان زمن الحرب وبعدها.
ولكن لغاية الآن لم تنجح هذه المحاولات بسبب ايمان أهالي دارفور بقيمهم إلا أن استمرار الوضع المأساوي لأهالي دارفور سوف يترتب عليه نتائج وخيمة أي إن دارفور التي استعصت لغاية الآن على مؤسسات مجلس الكنائس العالمي  وربيبته مجلس كنائس عموم إفريقيا لكن إذا استمر هذا الوضع فسوف يقدم هذا الإقليم إلى المؤسسات  التبشيرية الغربية على طبق من ذهب وأقول هذا للتاريخ.
رابعاً: علينا أن نعلم بأنه يوجد في مخيمات اللاجئين الدارفوريين المتأثرين بالصراع  بشكل عام حوالي مليونين ونصف دارفوري هؤلاء المنكوبين مجال خصب وفريسة سهلة لمنظمات الإغاثة العالمية والتي أغلبها صهيونية(إن إسرائيل تعمل من خلال بعض زعماء المتمردين على استيعاب مئات الدارفوريين فيها).
لذلك علينا أن ندرك تماما أن إقليم دارفور مهدد بشكل كبير والخوف من أن يشذ العديد من أولاده والأخطر القول /العديد من قبائله/ والدليل في ذلك هو هذه الملاحظة.
ملاحظة: في شهر أيار من عام 2009 كنت في زيارة لمخيم اللاجئين في ولاية نيالا، يسمى مخيم /عطاش/ للاجئين.
في هذا المخيم إلتقيت بإحدى النساء وسألتها من أين أنت أجابتني .
-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا من /كتم/.
-أين زوجك وأولادك؟.
-زوجي في تشاد مع بهائمه وابني ذهب إلى مصر ليجد عملاً له.
-ذهب ليجد عملا له في مصر أو في إسرائيل.
استغفر الله يازول خاف ربك ألا تعلم بأني مسلمة ومن المستحيل أن أذهب أنا أو أي واحد من أسرتي أو من قبيلتي إلى عند اليهود ألا تعلم يا زول أن اليهود أعداد ديننا ومن هو عدو ديني يكون عدوي ، اخشى الله يا زول في كلامك.
إذا لم نتدارك هذه الأمور، فسوف نجد الكثير من أولاد هذه القبائل يخرجون من تحت عباءاتهم وهذا نتيجة للحاجة وكذلك للغزو الغربي الفكري والمادي المعادي لتوجهنا والحل لهذا الأمر يكمن في مساعدة الحكومة السودانية وهي بدورها تعمل على وضع حداً لهذه المشكلة التي انقلبت إلى صراع مسلح وعلى الحكومة السودانية تقديم الحلول الإيجابية لكافة أهالي دارفور عبر الحوار مع المتمردين وبما يتلاءم مع أوضاعها الداخلية وبشرط ألا يمس هذا الحوار السيادة السودانية.
إن ما ذكرناه من رؤى وتوضيحات وأكيد من الممكن الإضافة عليها ببعض الأفكار وبما يتلاءم مع توجهات وأوضاع السودان الوطنية الداخلية وباعتقادنا إن هذا هو المخرج لإنهاء مشكلة الصراع –الشرخ في دارفور.
دمشق في15  /   03   /   2010
                                                                  أحمد أبو سعدة


(1)- عندما نطا لع نص الاتفاق الإطاري الذي وقع ما بين الحكومة السودانية وبعض فصائل التمرد الدارفورية نجد أن هناك تشابها كبيرا بين ما أخذه المتمردون الجنوبيون وبين ما وافق عليه من مطالب المتمردين الدارفوريين.

1- إن وجود السلاح الكثير في دارفور كان سببه /المهدي والترابى / فهما  الذين أخذا السلاح من ليبيا ووزعانه على القبائل المنطوية تحت عباءتهما وهما  أيضاً الذين شكلا ما عرف بالفيلق الإسلامي
أ.د. عبد السلام ابراهيم داود بغدادي*

مدخل نشأة الوجود العربى الاسلامى فى وسط افريقيا
 تضم منطقة وسط افريقيا تشكيلة من الدول التي خضعت لخليط متنوع من الأستعمار الأوربي . فتشاد ، الغابون ، الكونغو برازافيل وافريقيا الوسطى [بانغي] ، كانت من حصة فرنسا ، والكونغو كينشاسا كانت من نصيب بلجيكيا ، وغينيا الاستوائية غدت مستعمرة اسبانية ، وساوتومي وبرنسيب اصبحت محطة برتغالية . أما الكاميرون فإنها خضعت لأستعمار مركب ، فبعد أن مر بها البرتغاليون منذ القرن الخامس عشر الميلادي ، دخلها الألمان اواخر القرن التاسع عشر ، ثم سيطر عليها الفرنسيون والانكليز خلال الحرب العالمية الأولى الى ان استقلت وتوحدت مطلع الستينيات وتعدد المستعمرين جاء بسبب تنوع الثروات ، فهذه المنطقة فيها من الثروات المعدنية والنفطية والمائية والغابية والزراعية و الحيوانية ، ما يكفي ليس لأقاتة القارة السمراء باكملها بل ما حولها أيضاً . لكنها وللأسف الشديد تعاني وتقاسي على الصعد كافة : أقتصادياً واجتماعيا وسياسيا ، إذ تتنازعها الحروب الأهلية والاضطرابات السياسية ، على الرغم من تبني نظمها السياسية للتعددية الحزبية والسياسية في السنوات العشر الأخيرة . وسبب هذه المعاناة ، انما يرجع الى حالتي التخلف والتبعية الاستعمارية التي ترزح تحت وطأنهما .
 * رئيس قسم الدراسات الافريقية ورئيس مركز الدراسات الدولية –جامعة بغداد.
 وفيما يخص علاقتنا بهذه المنطقة ، فإنه يمكن القول ، ان العرب نزلوا ببعض بلدانها منذ زمن موغل في القدم ! فالقبائل العربية والتجار العرب وصلوا الى بحيرة تشاد ونهري شاري ولوغون جنوبي تشاد وشمالي دولة افريقيا الوسطى[الحالية] في حقبة ترجع الى ما قبل الاسلام وما بعده وحط العرب رحالهم في بلدان اخرى منذ منتصف القرن التاسع عشر كما فعل التجار العمانيون الذين وصلوا الى شرقي الكونغو [زائير] عبر تنزانيا . ووصل رهط من العرب مع حلول العقود الأولى من القرن العشرين الى الكاميرون ، الغابون ، وفي مرحلة لاحقة الى بقية بلدان وسط افريقيا .وترك العرب تأثيراً واضحاً على بعض هذه البلدان – لاسيما على الصعيد الثقافي – ويظهر ذلك واضحاً في تشاد التي قررت اعتماد اللغة العربية – لغة رسمية لها جنباً الى جنب مع الفرنسية - كما تنتشر العربية في اجزاء من شمالي وشرقي جمهورية افريقيا الوسطى ، فضلاً عن تأثيرها الواضح في شرقي الكونغو (زائير).
والجماعات العربية الموجودة حالياً في بلدان وسط افريقيا ، هي جماعات فاعلة ومؤثرة – لاسيما على الصعيد الاقتصادي – كما أن افراداً من هذه الجماعات حققوا نفوذا ليس على الصعيد الاقتصادي حسب وانما على الصعيد السياسي أيضاً .
أخيراً نقول ان الوجود العربي في هذه البلدان ليس تاريخياً فقط ، كما أن تأثيره ليس اقتصادياً حسب ، وأنما له مدلولات ثقافية وحضارية واجتماعية ، بل سياسية أيضاً .
الجماعة العربية في تشاد
مدخــل
  على الرغم من أن تشاد دولة صحراوية شاسعة المساحة ، [ 1.284.000 كم2 ] ، الا انها لا تعدم وجود انهار غزيرة المياه ومتواصلة الجريان ، اهمها نهري لوغون وشاري في اقصى الجنوب ، اللذين يصبان في بحيرة تشاد التي تشكل نقطة الحدود مع النيجر ونيجيريا والكاميرون . وهذه الدول تشكل حدود البلاد الغربية ، أما الشمالية فهي مع ليبيا والشرقية مع السودان ، والجنوبية مع جمهورية افريقيا الوسطى. وتشاد تعد المفتاح الى دول وسط القارة الافريقية ، كما انها الطريق الى دول غرب القارة من خلال حدودها مع نيجيريا عبر بحيرة تشاد ، كما أنها تعد امتداداً لدول الصحراء الكبرى الاخرى من البحر الاحمر الى المحيط الاطلسي .عرفها العرب منذ القرن السادس الميلادي ، ويكوَّنون اليوم المجموعة القومية الثانية في البلاد ، بيد ان لغتهم تعد اللغة المحلية الوحيدة المعترف بها كلغة رسمية الى جانب اللغة الفرنسية التي عرفت طريقها الى تشاد عبر الاستعمار الفرنسي الذي دخل البلاد اواخر القرن التاسع عشر ، ورحل عنها رسمياً في 11/8/1960 . بيد أن الفرنسية لا تزال لغة النخبة بينما العربية معروفة من لدن جميع القوميات بما فيها السارا ، وهي المجموعة الأكبر وتتمركز في الجنوب ، فضلاً عن القوميات الاخرى مثل [ مايوكيبي ، كانم – برنو ، زغاوة ، وداي ، تيبو ، قرعان ، مساليت ] وغيرها . وهذه المجموعات تدين بالاسلام ، باستثناء السارا التي انتشرت المسيحية بين ابنائها منذ عشرينيات القرن الماضي بفعل الارساليات التبشيرية ، كما يدين بعض السكان بالديانات الافريقية التقليدية . وتشاد من الدول التي تعاني من قلة عدد سكانها [7.6 مليون] وفقا لارقام العام 1999 ، قياسا بمساحتها ، كما انها تعاني من سوء توزع سكانها الذين يتركزون في الجنوب حيث الامطار والانهار ، ويقلون كلما اتجهنا شمالاً حيث الجرب والصحراء .لذلك تكثر زراعة القطن والفول السوداني في الجنوب ، وتربية الماشية التي تزيد عن 8 مليون رأس في الشمال .تعاني تشاد من انخفاض مستوى التنمية   البشرية ، اذ يصل ترتيبها الى 155 من اصل 162 دولة مسجلة في تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة لعام 2001 . ولا يزيد انتاجها القومي عن 1.5 مليار دولار ، أما معدل الدخل الفردي لمواطنيها فهو بحدود 850 دولار وفقا لارقام العام 1999 ، مع معاناة واضحة على صعيد ديونها الخارجية التي وصلت خلال عام 1995 الى 839.600 مليون دولار. وتشاد من الدول التي عانت من ظاهرة عدم الاستقرار السياسي والحروب المحلية منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960 وحتى بداية التسعينيات ، وتعاقب على حكمها خمسة رؤساء (تومبالباي ، معلوم ، عويدي ، حبري ، أدريس ديبي) رحل أربعة منهم عن طريق القوة . وعلى الرغم من ان الرئيس الحالي جاء عن طريق القوة ، الا أنه أخذ بالتعددية الحزبية والسياسية ، من خلال تأسيس جمعية وطنية (برلمان) مكونة من 125 عضواً ، والسماح بتكوين وانشاء الاحزاب السياسية مع الاقرار باجراء الانتخابات الرئاسية و البرلمانية بشكل دوري. وما يهمنا من هذه الدولة ، ان العرب فيها يُعدون جزءاً من النسيج الاجتماعي والتكوين الوطني–القومي ، والعربية هي اللغة الرسمية جنباً الى جنب مع اللغة الفرنسية ، وبالتالي فان تشاد وان لم تدخل الجامعة العربية حتى الأن ، إلا أنها عربية بلغتها وتاريخها وتطلعها  المستقبلي .(*)   
1- الوجود العربي الوطني التاريخي ((المدني والقبلي))
1-1 قدم الوجود العربي في تشاد
    تشير بعض المصادر التاريخية الى ان الهجرات العربية نحو بحيرة تشاد (*) ، قديمة ، قدم التاريخ العربي . فقد عرفت الجماعات العربية الهجرة الى هذه البحيرة العذبة الواقعة في قلب الصحراء الافريقية الكبرى ، (*)(*) قبل ظهور الاسلام ، بسنوات عديدة .([1]) ويذكر احد المصادر ان العرب جاءوا الى تشاد في حوالي القرن السادس بعد الميلاد – قبل الاسلام بقرن ونيف – شأنهم في ذلك شأن بعض القبائل التشادية – غير العربية التي وفدت الى تشاد عبر الحقب الزمنية المختلفة ([2]) .اذ كانت منطقة تشاد عموماً ، والبحيرة منها على نحو خاص – بحكم موقعها الجغرافي- واهميتها كمورد عذب ودائم للمياه – نقطة التقاء القوافل التجارية القادمة من الديار المجاورة ، ومنها الديار العربية . فالعرب انحدروا الى منطقة البحيرة وما جاورها من الشمال والشرق . ولم ينقل العرب سلعهم التجارية او حلوا بسوائمهم من إبل وغنم حسب ، وانما نقلوا معهم لغتهم العربية بل عاداتهم وأنماط حياتهم الاجتماعية . ([3]) بيد أن الهجرة الحقيقية والكبرى قد نمت بعد ظهور الاسلام في القرن السابع الميلادي . وتذكر بعض المصادر ان سنة قدوم العرب المسلمين الى تشاد تحديداً هي سنة 46 هـ / 666 م. ([4]) وذلك عندما وصل القائد العربي المسلم عقبة بن نافع الى جبل كوار بمنطقة تبستي شمالي تشاد . وعلى ذلك انسابت الثقافة العربية مع انتشار الأسلام والجماعات العربية تدريجياً نحو بحيرة تشاد([5]) .ويؤكد كثير من الباحثين والمستشرقين الاوربيين ان الشخصية التشادية قد تأثرت بالثقافة العربية الاسلامية منذ القرن السابع (الميلادي) ، الى درجة ان كثيراً من الدول التي قامت على ارض تشاد عبر القرون اللاحقة ، مثل دول كانم وباقرمي و وداي اتخذت من اللغة العربية لغة رسمية لها(*) . وظل العرب والمسلمون حتى القرن الحادي عشر الميلادي يعرفون أو يلمون وحدهم دون سواهم بتاريخ تشاد واحوال اهلها . وهنا يقول دنيزبولم ان الاوربيين ظلوا يجهلون كل شيء عن هذه المنطقة (بحيرة تشاد) حتى القرن الحادي عشر ([6]) .وهذا ما اكده المستشرق زلتنر Zeltner  ، من (ان الأسبقية في تأثير الأسلام على الشخصية التشادية يؤكدها التاريخ وتثبتها المعطيات الحالية للمجتمع التشادي )([7]) .ويبدو أن أول هجرة عربية قدمت الى تشاد – بهدف الأستقرار والسكن – بعد الاسلام ، كانت هجرة نفر من بني أمية ، فروا من بطش العباسيين الى جنوب شرق بحيرة تشاد وان هؤلاء الفارين بارواحهم قد استقروا بهذه الاماكن النائية والبعيدة عن يد العباسيين وخطرهم ، وبعدها طاب لهم المقام هناك ، وكان ذلك عام 175 هـ / 750 م. ([8]) .
وتذكر المراجع العربية والمصادر المحلية أن الاسلام دخل الى بلاد الزغاوة (قبائل تنتشر على طول الحدود التشادية – السودانية ) ، على يد هؤلاء الامويين الفارين ، بعد محنتهم مع العباسيين . ولم يمض زمن طويل حتى اختلطوا مع السكان المحليين واندمجوا بهم ، بعد ان نشرو الاسلام والثقافة العربية في اوساط التشاديين . ([9]) ويبدو أن النقلة النوعية في الحضور العربي بإرض تشاد قد تمت خلال العهد الكانمبي ، الذي شهد تدفقاً كبيراً للقبائل العربية نحو تشاد عموماً وتجاه المنطقة المحيطة ببحيرة تشاد من الشمال والشرق ، بل وحتى من الجنوب الغربي (*)  والعهد الكانمبي المتمثل بدولة كانم – برنو التي استمر وجودها قرابة عشرة قرون لم تكتف باعتناق الاسلام ونشر تعاليمه بين القبائل المحلية حسب ، وانما اتخذت من العربية لغة رسمية لها  ، بل ان العربية اصبحت لغة التفاهم ((المحلية)) بين قبائل الدولة وسكانها ، ولا يزال الامر على هذا الحال حتى الوقت الحاضر في دولة تشاد المعاصرة – كما سنوضح ذلك في موضعه المناسب – وما يهمنا قوله هنا ، ان دولة كانم كانت تكتب جميع مراسلاتها ومحارمها [مراسيمها وتصاريحها ] وخطاباتها باللغة العربية ، كما انها دونت تاريخها ، ونمط ادارتها وحضارتها باللغة العربية ، لذلك حظيت هذه الدولة باهتمام الكتاب العرب المسلمين  القدامى الذين وفدوا اليها من بلدان عربية مختلفة كذلك فان برنامج الدراسة واساليب التدريس في كانم كانت لا تختلف عن تلك التي كانت سائدة في ديار العالم الاسلامي ، ولغة التدريس كانت العربية دون غيرها ، لأنها لغة القرآن الكريم – عماد الاسلام – الذي اصبح كل شيء في حياة اهل كانم وحكامها ، حتى انتشرت اللغة العربية بانتشاره وصارت لغة الدين والدواوين والتجارة ، وتحول المجتمع الكانمي الى مجتمع ذي قيم ينبع أساسها من تعاليم الدين الحنيف . . وانفتح على العالم الأسلامي الخارجي وأخذ ينهل من ثقافة العرب المسلمين ومن حضارتهم ، فارتبطت مشاعر اهل كانم ببلدان العرب والمسلمين في المشرق والمغرب . ([10]) ومما يجدر ذكره – لا سيما على صعيد دراستنا المتعلقة بالجماعات العربية في تشاد – أن اسواق كانم شهدت وعبر عصورها المختلفة وفود تجار مصريين وليبيين ومغاربة ، شكلوا مع الايام نواة للجاليات العربية المعاصرة في تشاد . ([11])(*) وعلى صعيد مماثل شهدت تشاد وخلال العهد الكانمي قدوم عدد كبير من القبائل العربية الى البلاد ، سعياً وراء البحث عن الماء والكلأ لسوائمها ، والأمان والاستقرار لافرادها ، بعد ان ضاقت الحال بكثير منهم في مصر ايام الدولة المملوكية مدة حكم السلطان الغوري . إذ اشتد المماليك على كثير من القبائل العربية التي لم تذعن لسلطانهم ، فهبت الدولة على مطاردتهم والتنكيل بهم ، خصوصاً القبائل البدوية الراحلة ، الأمر الذي اجبرهم على الهجرة الى خارج حدود الدولة المصرية ، ومنهم من رحلوا الى بلاد كانم مثل قبائل الحسانية ، او الحساونة وجذام ، والعبابدة ( أو العبيدية) وهذه القبائل لم تقطن بلاد كانم حسب ، وانما اصبحت تمثل اهم القبائل التي ظلت تعتمد عليها الدولة الكانمية في تكوين جيشها القوي ، نظراً لمعرفتها بركوب الخيل وفنون القتال .([12]) وكذلك من القبائل التي هاجرت الى كانم عن طريق بلاد النوبة في العصر المملوكي ((جهينة)) : وهي خليط من القبائل العدنانية والقحطانية وبطونها المختلفة ، وكذلك اشترك فرع من قبيلة (فزارة) في هذه الهجرات التي شهدها العصر المملوكي . ([13])  وقد وصل العرب الى بلاد كانم (تشاد) عن طريق النيل من جهة الشرق ، وعبر الصحراء من ناحية الشمال ، وانتشرت قبائلهم في شمال بحيرة تشاد وفي اقليم برنو غرب البحيرة . كما انتشروا في الاقليم الشرقي والاوسط حتى منطقة دارفور الواقعة حالياً ضمن الاراضي        السودانية . ([14])
ومما يجدر ذكره هنا أن القبائل العربية في تشاد في عهدها الكانمي ، صار لها وضعان ، الأول : أن القبائل التي عاشت شرق البحيرة ظلت تعرف باسمائها الاصلية ، التي قدمت بها من الجزيرة العربية ، اما الوضع الثاني فيخص القبائل العربية التي عاشت في الجزء الغربي من البحيرة ، وهو اقليم البرنو – الذي تقع معظم اجزائه في دولة نايجيريا المجاورة – فقد عرفت باسم (شوا – Shuwa) ، وهذه التسمية – كما مر بنا عند الحديث عن الشوا في نايجيريا – اطلقها عليهم الوطنيون (السكان المحليون) ، وهذا اللفظ كانوا يطلقونه على القبائل العربية كلها بصرف النظر عن اختلاف بطونها وعشائرها .([15]) (*)
وينتشر ((عرب الشوا)) في وسط بلاد تشاد وجنوب شرق البحيرة ، ([16]) ويمتدون حتى منطقة واداي في اقصى شرق تشاد ، ودارفور وكردفان في غرب ووسط دولة السودان الحالية ،([17]) هذا فضلاً عن انتشارهم في دولة نايجيريا.ومن جانب آخر ، فإن القبائل العربية التي عاشت في منطقة (( دار سيلا )) – وهي المجاورة لمنطقة دارفور [ غربي السودان ] – اطلق عليها أهل البلاد أسم (( أرامكا –Aramka)) ،و أسم         (( سولونج – Solong )) ويعني عرب البدو ، او العرب الرحل ، وهم الذين يتولون حرفة الرعي وتربية  الماشية . ([18])
غير أن العرب أنفسهم لم يستخدموا هذه التسميات التي اطلقت عليهم ، سواءاً لفظ ((شوا)) في الغرب أم لفظا : أرامكا Aramka ، وسولونج في دار سيلا ، بل ظلوا يحتفظون بأسماء قبائلهم العربية الأصلية التي ينتمون اليها ، وحافظوا على هيكلهم التنظيمي العربي الاصيل.([19]) ومن القبائل العربية الكبرى ، التي وفدت ارهاط منها الى بلاد كانم (تشاد) ، نذكر : قريش ، قيس ، الازد ، حمير ، لخم ، بني هلال ، بني سليم ، جذام ، جهينة .فضلاً عن بني وائل ، الدقنة ، العسلة ، الحساونة ، العيسية ، جذاع ، هوارة ، بني هلبة ، المحاميد وغيرهم ([20])
 وهي القبائل التي وفد الكثير من افرادها الى بلاد كانم منذ القرن الرابع عشر الميلادي ([21])وبعض من هذه القبائل تمتع بقوة ملحوظة ، استطاع من خلالها اسقاط الحكم التاريخي لقبائل الزغاوة الميرا في شمال دارفور وتشاد . والقبيلة التي فعلت ذلك هي : جذام ، التي وصل جمع منها مع احلافهم الى الجزء الشمالي من مملكة كانم – برنو . وكان سلطان هذه الدولة الماي عثمان بن ادريس [ 795 هـ :1392 م ] قد ضاق بهم . ([22]) وكتب انذاك رسالة [كتاب] الى السلطان المملوكي في مصر الظاهر بن سعيد برقوق شكا فيه من قبيلة جذام التي قوت شوكتها بإرض كانم (تشاد) انذاك . ([23])
بيد أن كثيراً من القبائل العربية مالت الى العيش بسلام ووئام في ظل الدويلات التشادية التي كانت قائمة ، فضلاً عن دولة كانم – برنو المعروفة . فمثلاً كان عرب المحاميد يدفعون الف جمل لسطان وداي(*) ، كل ثلاث سنوات . والقبائل العربية الاخرى التي تمتلك الابقار تدفع الف بقرة سنوياً .([24])
ويبدو من سياق ما تقدم ان كثيراً من القبائل العربية بإرض كانم او ماجاورها من بلاد تشاد ، بعث – بعد ان طاب له المقام بتلك الأرض – يستدعي إخوانه وافراده عشيرته من أرض مصر والجزيرة العربية ليلحقوا به. وعاش العرب في تلك الديار حياة لا تختلف عن حياتهم في اوطانهم الأولى في الجزيرة العربية . وكانت حياتهم الاجتماعية مبنية على عصبية الدم ، ورباط القبيلة ، والانقياد التام لرئيس القبيلة ، وحافظوا على كثير من عاداتهم الطيبة التي منها إكرام الضيف ، واغاثة الملهوف ، وهي العادات العربية الأصيلة التي كانت سائدة فيهم منذ حياتهم الأولى في الجزيرة العربية . ([25]) 
وحياة عرب البادية في تشاد في عهدهم الكانمي ، تختلف عن حياة اخوانهم الذين عاشوا في الحضر ، حيث ان الحضريين كثيراً ما كانوا يتحللون عن تقاليدهم الأولى ، ويندرجون في تيار الحياة الحضرية ، وبالتالي فإن اختلاطهم بالسكان الأفريقيين أوسع نطاقاً من أهل البادية ، كما تأثروا كثيراً باللهجات المحلية التي انعكست على لسانهم ولغتهم ، حيث دخلتها الفاظ غير عربية ، وتداولوها في نطاق واسع حتى أصبح من الصعب عليهم التخلص منها ، بل منهم من اعتقد أنها من ضمن التراكيب العربية .([26])
ويرى بعض الباحثين ، أن (هناك من القبائل العربية من فقدت لغتها العربية ، مثل قبائل بني وائل الذين سكنوا منطقة (بحر الغزال) و (ماو) التي سكنت اقليم السلامات ، وحصل بينها وبين السكان تزاوج على نطاق واسع ، وهناك بعض القبائل العربية في تشاد لم يبق لها من عروبتها إلا الأسم ، وذلك مثل قبائل التنجر الذين سكنوا منطقة الدقنا و الفتري ، وهؤلاء صاروا يتحدثون اللهجات المحلية ، ولولا أن المراجع العربية القديمة تذكر بانهم عرب ، لما صدق إنسان بأنهم عرب ، ولكنهم مازالوا متمسكين باصولهم ونسبهم العربي ، وعاداتهم 
وتقاليدهم العربية . ) ([27]) (*) وعلى العكس من هذه الصورة هناك قبائل غير عربية صارت عربية ، ونسيت لغتها الأصلية وأندثرت ولا تعرف إلا اللغة العربية ، وذلك مثل قبائل الدرن الذين سكنوا اقليم البطحة الذي يحتل وسط البلاد ، ويتمركز هؤلاء حول مدينة ((حراز)) وهؤلاء يذكرون بانهم ليسوا عرباً في أصولهم ولكنهم صاروا عرباً في الوجود والتطلع والمصير ([28]).
ويبدو أن حياة العرب البدو في بلاد كانم من أرض تشاد كانت تختلف قليلاً عن حياة نظرائهم العرب الذين سكنوا الحضر ، فالبدو كانوا اشد محافظة على عروبتهم ولسانهم الفصيح ، ونقائهم العرقي ! من غيرهم من المقيمين . والبدو غالباً ما يتزاوجون فيما بينهم ، فظل لسانهم العربي سليماً أو فصيحاً او قريباً منه . ([29])
والعرب في بلاد كانم كانت ولم تزل لهم رحلتان : إحداهما رحلة الخريف والأخرى رحلة الشتاء ، فرحلة الخريف تبدأ من الجنوب متجهة صوب الشمال ، وتستغرق شهرين (آب وايلول) وتنتهي شمالاً عند سهول بوركو وانيدي من جهة حدود ليبيا الجنوبية ، أما رحلة  الشتاء ، فهي رحلة العودة الى مناطق الجنوب الشاسعة ذات الماء الكثير والأعشاب الوفيرة التي تشمل اقليم البطحة . أما منازلهم في الخريف فهي خيام وبيوت تبنى من شعر ووبر الدواب ، او البروش المصنوعة من سعف النخيل ، ويضربونها في المنشاق (الشمال) وهو اقليم يمتاز بسهوله الشاسعة ومرتفعاته الرملية التي تكسوها الطبيعة ، ذلك الأقليم يُعرف باقليم المراعي ،  يقطنه السكان الذين يحترفون تربية الماشية .والعرب يتجهون عادة الى ذلك الاقليم الشمالي في فصل الخريف لتوافر الماءوالكلأ ، وخلوه من الحشرات الضارة بالثروة الحيوانية ، وعند انقضاء فصل الخريف يبدؤون رحلة العودة الى الجنوب حيث ينحسر الماء ([30]). ومارست هذه القبائل دوراً كبيراً في الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية أيضاً في مملكة كانم وغيرها ، فهي التي حملت الاسلام بثقافته وحضارة أهله الى تلك البلاد ، ونشرتها بين السكان المحليين ، ثم انها صاحبة السبق في انتشار اللغة العربية ، حتى صارت لغة التخاطب والتعامل التجاري بين جميع الناس الذين عاشوا في ظل دولة كانم .([31])
1-2 – القبائل العربية المعاصرة في تشاد
   ومع توالي الاعوام وتتابع القرون على دخول القبائل العربية الى تشاد ، واستقرارها في البلاد ، الى درجة أنها لم تصبح جزءاً من النسيج الاجتماعي التشادي حسب ، بل نشرت اللغة والثقافة العربيتين في عموم البلاد . هذه القبائل تفرعت وتشعبت الى عشائر وبطون وبدنات وعوائل من الصعب عدَّها او احصائها جميعاً . ومع ذلك فان هناك باحثاً تشادياً حاول ان يحصي عددا منها في مستهل الثمانينيات من القرن العشرين ، مع اعترافه بتداخل هذه العشائر والبطون مع بعضها البعض . وهذه أسماء بعضها : ([32])
ويذكر الباحث ان هذه البطون تنتسب الى المجموعتين القحطانية والعدنانية . ([33]) وعلى الرغم من هذا العدد الكبير من العشائر والبدنات التي ذكرها " الماحي " ، فإنه لم يشر الى جميعها ، ذلك ان باحثين اخرين اشاروا الى وجود عشائر اخرى غير ماذكر (الماحي) ، ومن هذه العشائر ، نذكر على سبيل المثال : الرزيقات ، بني عطية (العطاوة) ،أولاد سلام، أولاد عقبة ، المساعيد ، العلاونة ، الشاوية ، المعقل ، فزارة ، الزيادية ، المعالية ، بني جرار ، بني بدر ، الرشايدة ، الجعليون ، السنوسيون ، التعايشة .([34]) (*) 
على أية حال / مهما كثرت أسماء العشائر العربية وتفرعاتها من بدنات وعوائل كبيرة ، فإن أكثر الباحثين المعنيين بالشأن التشادي يتفقون على أن هذه العشائر ترتبط بعلاقات قرابة مباشرة أو شبه مباشرة . فالاستاذ ابراهيم اسحق ابراهيم ، صاحب كتاب هجرات الهلاليين ، يرى أن هناك جملة عشائر عربية من التي تنتشر في المنطقة ، أنما ترجع بنسبها البعيد الى قبائل بني هلال وبني سليم واحلافهم من الذين وفدوا الى شمال افريقيا وصحاريها في القرن الحادي عشر الميلادي. وهذه العشائر (الحالية) ترتبط مع بعضها البعض ، إما بعلاقة نسب ، أو حلف أو جوار او مرافقة . ويذكر الاستاذ ابراهيم ، أسماء عشر عشائر بدوية ترتبط بمثل هذه العلاقة وهذه العشائر ، هي : العلاونة / المحاميد / أولاد سليمان / أولاد علي / أولاد حُميد / الشاوية / بنوعقبة / بنو عطية / المعقل وفزارة .([35])
ويستمر الاستاذ ابراهيم في ذكرالعشائر والبدنات التي ترجع بنسبها الى المجموعة الهلالية ، فيقول أن  ( قبائل السلامات في تشاد لهم صلة قربى مع قبيلة ( أولاد علي ) و ( أولاد سلام ) ، وجميعاً يرجعون الى بني سليم أو بني هلال ) . ويضيف ( أن اولاد علي و أولاد سليمان يمتدون داخل تشاد ). وأن (أولاد سليمان يرجعون الى بني سليم والبعض ارجعهم الى جذام)([36]) وأن (السلامات ( أولاد سلام ) لهم صلة بعيدة ببني هلال وببني سليم . ) ([37])
وأن ابناء قبيلة المحاميد (يرجعون بأصولهم الى سُليم أو هلال وسموا بالمحاميد نسبة الى أحد أجدادهم ((محمود)) . ) وبالنسبة لقبيلة العطاوة ( بني عطية ) وهي ( من القبائل العربية الموجودة في تشاد ، فإن لها صلة قربة مع ( أولاد عقبة ) والرزيقات . . . وهناك (المساعيد) . . . في تشاد و دارفور وكردفان والجميع لهم صلة نسب أو تحالف بعيدة مع سليم أو هلال).([38])  و بنو حميد : يرجعون بأصولهم البعيدة الى بني سليم وبني هلال أو احلافهم ، وهم ينتشرون في تشاد وشمال نايجيريا ، ويمتون بصلة قربى لقبائل العطاوة . ([39])
( والأصل الهلالي تدَّعيه قبائل متعددة ، ومختلفة الجذور كبعض الفور والمسبعات والتنجر ، خاصة الأسر الحاكمة في هؤلاء . ويَّدعيه بعض البرقد والداجو من المحليين المستقرين . كما تدعيه عموم دار حامد الفزارية ، وقطاع عريض من العطاوة والحيماد من الرعاة البدو بكردفان ودارفور . وعن هذه الادعاءات يرى عبد المجيد عابدين : أن هناك بعض الدماء الهلالية في قبائل التنجر والفور والبرقد والرزيقات والعطاوة وكل هذه بدارفور ) [40]) (*)  وفضلاً عن النسب الهلالي – السليمي الذي تحاول كثير من القبائل العربية في تشاد ربط نفسها به بشكل أو أخر ، او الأدعاء بوجود صله به ، فإن الكثير من هذه القبائل تحاول من جانب اخر اثبات وجود صلة قربى مع بعضها البعض . فمثلاً تصرح قبائل الرزيقات والرشايدة والتعايشة أنها تنحدر من جد مشترك هو الجنيد ، بمعنى اخر ، انها تقول انها مجرد فروع من جد واحد هو الجنيد . ([41]) 
ومن القبائل الأخرى التي تنسب نفسها الى جنيد نذكر (تجمعات العطاوة والرواشد والحيماد والسلامات ، وهي عموم اعراب بلاد السودان الأوسط "تشاد" . )([42])
ومن جانب أخر ، يقول بعض الرواة ، ان هناك صلة نسب بين المحاميد والرزيقات  . . . فبعضهم يقول (( أن كل رزيقي هو بالضرورة محمودي )) ، أي أصلاً من المحاميد . وأن هناك صلة نسب بين العطاوة والرزيقات و أن (السلامات) يخرجون من الجد الكبر وهو الجنيد (*) . . . وأن قبائل تشاد الثلاث " العطاوة والحيماد والرواشد . . . اخوان " . ) ([43]) وعلى صعيد القربى والقرابة بين القبائل التشادية ، ترى قبائل عربية أخرى في تشاد أنها ترجع في اصولها الى قبيلة فزارة العدنانية المعروفة ، وهذه القبائل هي : ( دار حامد والزيادية والمعالية و المعاقلة وبنو جرار وبنو بدر ، والأخيران ينسبان الى دار حامد ، واخيراً فرع من المحاميد . . . وكل هذه القبائل تستوطن كردفان و دارفور وتشاد ولا تزال بها بداوة لحد ما . ) ([44])
1-3- مناطق انتشار القبائل العربية
  تنتشر القبائل العربية بصورة خاصة والعرب عموماً في جميع ارجاء تشاد . ([45]) بما في ذلك العاصمة الرسمية للبلاد ((انجمينا)) ، التي شهدت منذ اجيال بعيدة حضوراً عربياً كبيراً من الدعاة والعلماء والتجار ورجال الوعظ والارشاد ، فضلاً عن افراد القبائل العربية الذين نزحوا تجاه المدينة وجوارها منذ قرون . ([46])
و إذا أردنا الدخول في بعض التفصيلات ، فإنه يمكن القول أن بعض القبائل ، مثل العلاونة ، المحاميد ، أولاد سليمان ، أولاد علي ، أولاد حُميد ، الشاوية ، بنوعقبة ، بنو عطية ، المعقل وفزارة ، تنتشر في شمالي ووسط تشاد عموماً . ([47]) وبعض من هذه القبائل ينتشر اضافة الى ذلك في مناطق اخرى مثل المحاميد الذين ينتشرون أيضاً في شمال غربي تشاد واجزاء واسعة من الصحراء الافريقية ، من الصحراء الغربية بمصر،وحتى الجزائر غرباً ، فضلاً عن انتشارهم بشمال غرب دارفور بغرب السودان . ([48]) كما ان قسماً من المحاميد ينتشرون شرقاً على الحدود بين السودان وتشاد . ([49])
وبالنسبة لبني هلبا أو بني حلبة ، فإنهم (سكنوا أولاً بدار القرعان (هضبة التبستي ) ، ثم بالجبل " وربما يعني ذلك هضبة الأندي " ثم دخلوا وداي من شمال شرق تشاد ، فوصلوا الى عراضة . بعدها زحفوا الى وارا ثم الى البطحاء بوسط تشاد ، وزحفوا حتى وصلوا الى حدود سلا بجنوب تشاد . وعندما تكاثر الهلباويون في وداي بشرق تشاد قاتلهم سلاطينها حتى اضطروا للخروج هاربين الى وسط دارفور ). ولايزال افراد هذه القبيلة العربية ينتشرون في عموم تشاد.) ([50])
وينتشر العرب الجعليون – والذين يتركزون أساساً في جمهورية السودان – في منطقة وداي بشرقي تشاد ، فضلاً عن انتشارهم في مناطق اخرى من تشاد . فالجعليون كما يرى المستشرق (( أوفاهي –Ofahey)) ، (أنتشروا من أراضيهم حول النيل في وقت مبكر ، فغطوا المنطقة من الحبشة شرقاً الى باقرمي التشادية غرباً . وقد حافظوا اينما نزلوا على طاقات قوية في الدعوة الاسلامية ، وعلى حماس تجاري رفيع ) ([51]) (*) وتنتشر قبائل السلامات وبني سعد في اراضي شاري الأسفل جنوب بحيرة تشاد . وتتركز قبائل السلامات حول مدينة أم التيمان بمحافظة السلامات – التي اشتقت اسمها من اسم هذه القبيلة العربية – اقصى جنوب شرقي تشاد على الحدود مع السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى ([52]) (*) وتنتشر قبيلة الخزام على الحدود بين تشاد والسودان ، عند منطقة دارفور ، وافراد هذه القبيلة – الذين بقي منهم عدد قليل في تشاد ، ينسبون أنفسهم الى بني مخزوم القرشيين ، عشيرة القائد العربي المعروف والصحابي الكريم خالد بن الوليد (رض) . ([53])
وتنتشر قبائل عربية أخرى قدمت من ليبيا – أشهرها – قبيلة أولاد سليمان ، في شمالي تشاد – في اقليم (بوركو – انيدي – تبستي) ، وفي اجزاء اخرى من تشاد ، لا سيما في محافظة كانمبو ، شمال بحيرة تشاد . وأولاد سليمان قدموا الى تشاد منذ عام 1842، مع مجموعات اخرى من القبائل الليبية ، بسبب ما تعرضوا له من اضطهاد ابان الحكم العثماني من خلال أسرة القرمانلي ثم مالا قوه من ظلم وتعسف على يد الاستعمار الايطالي بعد عام 1912([54])(*)
ومن بقايا المجموعات الليبية القبلية في تشاد نشير الى السنوسيين ، وهم من اعقاب واتباع ومريدي السيد محمد بن علي السنوي ، المولود في الجزائر بمدينة مستغانم سنة 1787 ، والذي نشر دعوته الاصلاحية السياسية الصوفية الاسلامية أنطلاقاً من ليبيا التي توفي فيها سنة 1859 ، ودفن بمدينة جغبوب على الحدود مع مصر. (**)  وقد وصل السنوسيون الى الجزء الشمالي من تشاد عام 1899 ، وأخذوا يمارسون من هناك العمل السياسي – الوطني ، بالاضافة الى النشاط التجاري في مناحي مختلفة مثل تجارة السلاح والذخيرة والسكر والشاي والملح والعاج وغير ذلك بين ممالك تشاد ودول حوض المتوسط.([55]) (*)
وفي عام 1900 أنشأ السيد البراني / السنوسي زاوية بئر علالي في كانم واقام عن طريق بعض القبائل ، منهم اولاد سليمان ، التوبو ، القرعان ، الكادمبو ، الزغاوة ، وعدد من قبائل العرب ، شبكة من الأتصالات ، أتاحت له الحصول على عدد كبير من المواطنين للاشتراك في جيش المقاومة السنوسية للاحتلال الفرنسي لأرض تشاد . وقد قاد السيد محمد المهدي – أبن السنوسي وخليفته – من مقر اقامته بمدنية غورو باقليم انيدي – شمال شرقي تشاد – في نوفمبر – تشرين الثاني 1902 عملاً دبلوماسياً لدى مختلف سلاطين ومشايخ القبائل التشادية ، منهم سلطان وداي ( دود مرة ) و سلطان باقرمي ( عبد الرحمن جاورانج الثاني ) لمواجهة الغزاة الفرنسيين ، فاستجاب الاول ، وامتنع الثاني لارتباطه بمعاهدة (حماية) مع الفرنسيين منذ عام 1897 . ومع الايام اصبحت زاوية بئر علالي في كانم القلعة العسكرية المتقدمة للسنوسيين في مواجهة المستعمرين الفرنسيين .واستمر القتال سجالا بين السنوسيين والفرنسيين حتى عام 1913 ، قتل اثنائها عدد كبير من الفرنسيين ، كما استشهد عدد كبير من السنوسيين واتباعهم . وانتهى القتال لصالح الفرنسين بسبب تفوقهم العسكري ، ولا تزال بقايا السنوسيين ومريديهم موجودة في شمالي تشاد ، برغم انسحاب قادة السنوسيين الى داخل ليبيا.([56])(*) وتنتشر في تشاد أيضاً مجموعات عربية قبلية تعود في أصولها الى عرب السودان ، وافراد هذه المجموعات هم من بقايا جيش الأمير العربي السوداني ((رابح بن فضل الله)) الذي بدأ حياته العسكرية قائداً في جيش الزبير  رحمة باشا من عرب الجميعاب في السودان .(**) ولأسباب تتعلق بالصراع مع الانكليز في السودان ، ولمتغيرات داخلية أيضاً ، أنسحب اتباع الزبير وأبنه سليمان الى أرض تشاد بعد خسارتهم في احدى المعارك بأرض السودان ، وكان "رابح" على رأس القوة المنسحبة . واتجه (رابح) بعد دخوله أرض تشاد الى منطقة وداي ، وعندما خالف سليمان في بعض الأمور ، انفصل عنه واصبح سيد نفسه ، وزعيماً لمؤيديه ومسؤولاً عن مصيرهم  وعمل مدة بالتجارة ، وبعدها أستقر رأيه نحو تكوين امارة عربية ليؤمن لنفسه ولاتباعه الأمن والاستقرار والثروة والسلطة ، و توريث سلطته من بعد ذلك لأبنائه . ([57])تمكن رابح من اجتياح باقرمي ، عام 1892 ، والسيطرة على مملكة كانم – برنو عام 1893 ، وامتدت سيطرته الى الاجزاء الشمالية الشرقية من نايجيريا .([58])  والمهم في أمر (رابح) أنه رفض التعاون او حتى التفاوض مع الفرنسيين ، ودخل في معارك عديدة معهم ، أهمها تلك المعركة التي قتل من خلالها قائد الحملة الفرنسية على تشاد الجنرال لامي ، الذي اطلقت فرنسا أسمه فيما بعد على عاصمة تشاد ، التي سميت بـ فورت لامي " قلعة لامي "، وظل أسمها كذلك حتى استقلت تشاد عن الاستعمار الفرنسي عام 1960 ، عندها سُميت العاصمة أنجمينا .(58) وما يهمنا في الموضوع أن (رابح) بعد ان قتل المستعمر "لامي" ، مالبث ان أستشهد في أحدى معاركه ضد الفرنسيين .([59]) و أصبح بذلك احد رموز النضال الوطني في التاريخ التشادي المعاصر ، ودليلنا على ذلك ، أن الدستور التشادي اشار واشاد بدور رابح ، بل أن أسم رابح هو الأسم الوحيد الذي ورد في الدستور التشادي المعاصر المكون من 62 صفحة و 213 مادة . ([60])  (*) وفضلاً عما ذكر ، فإن بعض المصادر يتحدث عن انتشار قبلي عربي في مناطق متفرقة من تشاد ، ولكن من دون تحديد لأسماء معينة او قبائل محددة . فمثلاً جاء في أحدى الوثائق الخاصة بسلطات الاستعمار الفرنسي في تشاد ، تحذير من تنقل القبائل العربية بين المناطق التشادية المختلفة ، والتحذير موجه الى سلطان منطقة وداي بشرقي تشاد "أصيل" . وجاء في التحذير ان عليه أن ( يبلغ السلطة الفرنسية بالعرب " من بلاد آتيه وبلاد أم التيمان" الذين يعبرون اراضي وداي ، ويقوم بتسليمهم لنا ) . ( كذلك فإن حكام آتيه ، وأم التيمان سيعيدون عرب وداي الذين يعبرون اراضيهم ) . ([61]) (*) يشير المصدر ذاته الى وجود قبائل عربية ، وأيضاً من دون تحديد اسماء أو عناوين ، فيذكر مشيراً الى الحقبة الاستعمارية الفرنسية ، أن قبائل عربية انتشرت في منطقة البطحة 
(شرق الوسط) (قرب مدينة أم حجر غرب مدينة أبشة بمقاطعة وداي . . . وطالما دخلت هذه القبائل في صراع موجه ضد الادارة الفرنسية) ([62]) .ويشير مصدر أخر – وايضاً من دون ان يحدد عناوين او أسماء – الى أن هناك قبائل عربية ومستعربة ، تنتشر جنوب اقليم بوركو – انيدي – تبستي ، وفي منطقة البطحة . وهذا المصدر يتحدث عن حقبة السبعينات و الثمانينات ، لذلك فهو يشير الى أن بعضهم اشترك في جبهة فرولينات (*) .التي كانت تقاتل نظام فيليكس معلوم عام 1979 (**) .(***) وكان هذا البعض يقاتل ضمن جناح أصيل أحمد أخبش (أغبش) الذي انشق عن غوكوني عويدي .([63])
ومن خلال ما تقدم ، يمكن القول أن أبناء القبائل العربية على نحو خاص والعرب عموماً ينتشرون في جميع ارجاء تشاد ، وأن كانت نسبتهم تزداد في مناطق الشرق والوسط والشمال وحول بحيرة تشاد و جنوب شرقي البلاد وفي العاصمة انجمينا ، وهذا يعني أنهم يتركزون في محافظات السلامات ، البطحاء ، شاري بقرميه و وداي . ويقل تركزهم كلما اتجهنا نحو أقصى الغرب و أقصى الجنوب ([64])  (*)  ومما هو جدير بالذكر أن الانتشار العربي في تشاد لا يتحدد بانتشار القبائل العربية في البوادي والارياف ، حسب و أن كان هو الاكثر ، وأنما يمتد الى انتشار المتمدنين منهم في القصبات والمدن أيضاً . ذلك – وكما سوف نرى في موضع لاحق – أن كثيراً من عرب تشاد تمدنوا " تركوا حياة البادية والريف من عقود بل قرون سالفة " ، و استقروا في المدن بما فيها العاصمة انجمينا وغيرها من المدن المهمة ، واحترفوا التجارة والمهن المختلفة ، واقبلوا على التعليم ، ([65]) الذي كان له دور واضح في تخريج أطر متعلمة تمكنت من ولوج ميدان المهن الحديثة مثل الهندسة والطب والتعليم الجامعي والقضاء وغير ذلك من المهن الناشئة عن مخرجات التعليم.
-  وهذا ما سوف نتعرض له في موضع لاحق  -
ويوضح الجدول الأتي طبيعة الانتشار العربي في عموم دولة تشاد المعاصرة ، من خلال عرض عام للتوزيع السكاني في المحافظات [ المديريات ] التشادية والنسب المئوية لثلاث مجموعات عرقية كبيرة ، والنسب المئوية لثلاثة اديان سائدة في تشاد .
 
جدول رقم (1) يوضح طبيعة الأنتشار العربي في تشاد
 
 
مصدر الجدول
د. محمد صالح ايوب ، التغيرات الأجتماعية الكبرى وأثرها على الشخصية التشادية . جامعة شاد، المعهد الوطني للعلوم الأنسانية ، الندوة العالمية حول الشخصية الشادية 1996 ص ص 157 – 158 .
1-4 – النمط الأجتماعي والمهني
  تتبع القبائل العربية في تشاد ، شأنها في ذلك شأن القبائل العربية في الوطن العربي ، نظام التسلسل القرابي الأبوي ، بحيث ينتمي الطفل لقبيلة ابيه ويحمل اسمها ، ويهتم بتتبع نسبه وخط قرابته الى الجد الأول لتحديد القبيلة الأصلية التي ينتمي اليها . إذ يتمثل مقياس الشرف عند البدوي في نقاء سلالته ونسبه بحيث لا يجر في عروقه دم اجنبي ! ([66])
وتنقسم القبائل العربية – كما مر بنا- الى افخاذ وبطون وبدنات ابوية (تفرعات) ، وتسكن كل بدنة و احياناً اكثر من بدنة في مكان يتميز بوجود موارد مائية للمعيشة والمرعى . فحياة الظعن و التنقل وراء الكلأ والماء من أهم خصائص القبائل البدوية التشادية ، وكذلك نظام الزواج الداخلي ، حيث يفضل زواج الفتى من ابنة عمه او عمته او من احدى قريباته الأخريات لكي يحفظ لسلالته نقاء الدم وصفاءه . ولذلك كانت النزعة القبلية تغلب على سلوك المجتمع القبلي العربي وغير العربي في تشاد . فقد كان البدو – ولازال كثير منهم – يعد الحرب المهنة الحقيقية للرجل ، ويلي الحرب مهنة الرعي وتربية الماشية ، وكان البدوي يحتقر الاستقرار والعمل الزراعي .([67])
وفيما يتعلق بالوحدة الأجتماعية سواءاً على مستوى القبيلة أم فروعها ، فإن التضامن بين افراد القبيلة الواحدة ، مطلق وغير محدود ، ويتمثل في احترام الفرد للواجبات والالتزامات القرابية . والمسؤولية في القبيلة جماعية ، ويتضح ذلك في دفع الدية والغرامات والمهور والعطايا . وفي القبيلة تقوم روح الجماعة ويقوى شعور الانتماء اليها .([68])
وبالنسبة للزي ، فإن الرجل القبلي العربي يلبس جلابية أو جبة وسروالاً قصيراً ، أو (خلك)(*) وسروالاً طويلاً ، ويضع على رأسه عمامة بيضاء تسمى " كدمول " و احيانا يتلثم بها . واما منازل العرب البدو فهي عبارة عن خيام وبيوت تسقف ببروش من السعف ، وان ادوات البناء هذه تنتقل معهم حيث شاءوا . ومن يتزوج من الابناء يأخذ بعض المواشي من أبيه لتكون نواة لقطيعه الخاص . ([69])
و تعد المواشي بالنسبة للبدوي ، ليس وسيلة للرزق حسب ، وأنما تؤشر المكانه الاجتماعية ، والثروة ـ والنفوذ . لذلك فان المهنة الغالبة عند عرب الصحراء هي الرعي ، ورب العائلة مسؤول عن نماء القطيع وسلامته ، ويقوم الابناء بالرعي حيث يتنقلون بالقطيع من مكان الى مكان بحثاً عن المراعي الخصبة . ([70]) ويسعى عرب تشاد في الشمال بالجمال ، ويسعون في الوسط بالاغنام ، وفي الجنوب بالابقار([71]) (*)
ويقل الاهتمام عند ابناء القبائل العربية بتشاد بمهن الزراعة والعمل الوظيفي بدرجة كبيرة.([72]) بيد ان اعداداً ملحوظة منهم بدأت تتجه في السنوات المنصرمة نحو الأهتمام بالزراعة والعمل الوظيفي بسبب ازدياد نسبة المتعلمين منهم في المدارس والجامعات .([73]) كما ان عرب الصحراء ومن تمدن منهم مارسوا ولازالوا يمارسون العمل التجاري بمختلف اصنافه .([74])
وفي الاونة الاخيرة لوحظ انخراط مزيد من عرب تشاد المتعلمين ، ومعهم التشاديين خريجي المدارس والجامعات العربية في المهن الحديثة الناشئة عن التعليم . إذ يمكن تلمس وجودهم في الحقل الطبي والهندسي والزراعي أو التنقيب عن النفط ، او حقول التربية والتعليم الثانوي والجامعي ومجالات الثقافة والعمل الاذاعي والتلفازي ، والانشطة المتعلقة بالتعدين والمناجم ، ومناحي النشاط المالي والاقتصادي ، والعمل في سلك القضاء و الشرطة والأمن والدفاع والعمل الدبلوماسي .([75])
1-5 المعتقد الديني
  مربنا في مدخل هذا المبحث أن المسلمين يشكلون ما بين 54 – 85 % من مجموعة سكان تشاد (*). أما فيما يخص العرب ، فإن الراجح عن ابناء القبائل العربية في تشاد هو وحدة شعائرهم التعبدية المتمثلة بالاسلام ([76]) . أما بالنسبة لعموم عرب تشاد (قبليين ومدنيين) ، فإن بعض الباحثين يشير الى وجود عرب مسيحيين في تشاد ، ويسوق دليلاً على ذلك قيام الاذاعة التشادية الوطنية ببث الصلوات الانجيلية يوم الأحد . ([77]) ويقدم باحث أخر احصائية عن نسبة المسيحيين العرب في تشاد قياساً بالاكثرية المسلمة وعلى النحو الأتي :
العرب المسلمون 99.2 % العرب الكاثوليك 0.1 % العرب البروتستانت 0.1% والبقية إما بدون دين أو وثنيين .([78]) وهو أمر مستغرب لأن العرب هم الذين ادخلوا الأسلام الى تشاد .
1-6 العدد والنسبة المئوية
  لم تتفق المصادر التي بين ايدينا على عدد العرب في تشاد أو على نسبتهم المئوية الى بقية رصفائهم التشاديين . فبعضها يقول ان (معظم اهل تشاد من اصول عربية ، وهم يتحدثون العربية بطلاقة ).([79]) والى ذلك ذهب احدهم بالقول : أن القبائل العربية ( تشكل في مجموعها الغالبية العظمى بين السكان)([80]) وهذا ما ذهب اليه اخر ، من ان العرب يشكلون الاغلبية ، وحدد نسبتهم بـ 45% عاداً افراد هذه النسبة من العرب الأقحاح ! ([81])
ويقول الاستاذ كبرو حسين أن ما يقرب من ربع سكان تشاد هم من العرب الخلصاء ، وان هناك ربع اخر هم من المعربين او المستعربين . ([82]) بينما ذهب الاحصاء الرسمي الذي اجري للسكان من قبل الحكومة التشادية عام 1993 ، الى أن نسبة العرب هي 12.3% من مجموع سكان تشاد ، أي ما يعادل 761.774 نسمة ، من اصل سكان تشاد البالغ 6.193.538 مليون نسمة .([83]) وهذا يعني إذا سلمنا بنتائج الاحصاء المذكور ان العرب يشكلون المجموعة القومية / الإثنية ، الثانية في تشاد بعد مجموعة السارا .(*)
ويتحدث مصدر اجنبي عن نسبة العرب في تشاد – مطلع الثمانينيات – فيقول أنه لا تتجاوز الـ9% من مجموع السكان ([84])
 
جدول يبين المجموعات السكانية (الإثنية) في تشاد
 
من خلال ما تقدم يتضح أنه لا يوجد اتفاق بين المصادر على تحديد نسبة متفق عليها للعرب بين السكان . ومع ذلك فيمكن القول ، أن تأثير العرب في تشاد – بغض النظر عن نسبتهم الحقيقية – هو اكبر من أي مجموعة عرقية / إثنية / قومية أخرى . وهذا ما يبدو واضحاً من خلال انتشار اللغة العربية والدين الاسلامي في تشاد ، فتأثير العربية في البلاد يتجاوز بكثير عدد العرب الكلي او حجمهم الفعلي في تشاد . وهذا ما ينبغي توضيحه من خلال الفقرة الأتية.
1-7- واقع اللغة العربية في تشاد
  تبوأت اللغة العربية في المجتمع التشادي مكانه تاريخة مرموقة ، ضمن اللغات التشادية المحلية (الوطنية) الاخرى ، منذ ان وصلت اولى الجماعات العربية حول بحيرة تشاد في القرن السادس الميلادي – أي قبل ظهور الاسلام ([85]) . وقد تعززت مكانة اللغة العربية في تشاد بعد ظهور الاسلام ، بازدهار الحضارة العربية – الاسلامية في الوطن العربي وجواره في القرون التالية .([86]) وقد شارك نفر من علماء تشاد في تعزيز مكانة العربية من خلال الجهود التي بذلها هؤلاء العلماء في علوم اللغة والفقه والتفسير ومختلف نواحي المعرفة الانسانية والاسلامية .([87])
ومارس الاسلام منذ دخوله الاراضي التشادية في القرن السابع الميلادي تأثيراً اجتماعياً كبيراً على الشخصية التشادية ، في نواحي عديدة ، منها أنه عمل على زيادة اتصالها بالحضارة العربية الاسلامية . فالبناء الاجتماعي للشخصية التشادية قبل الاسلام كان يقوم على علاقات ذات صبغة لا تتجاوز اهل القبيلة الواحدة او القرية الواحدة ، ولذلك فان الاسلام بلغته العربية المكتوبة (لغة القرآن والعبادة والعلوم الاسلامية) خدم اغراضاً محلية عدة . منها قيام الممالك التشادية (كانم – برنو ، وداي ، باقرمي ) وغيرها ، باتخاذ اللغة العربية لغة رسمية لها ، في مخاطباتها ومكاتباتها ورسائلها واتفاقياتها الدولية وقوانينها الداخلية ، لدرجة أن بعض الباحثين أشار الى أن شهرة الممالك الاسلامية التشادية لا ترجع فقط الى عظمتها وطول عمرها – رغم اهمية هذه المعطيات ، وانما كذلك لكثرة ما خلفت هذه الممالك من وثائق ومؤلفات وكتابات عربية .([88]) (*) ومما يجدر ذكره ان العربية كانت طوال التاريخ التشادي المنصرم ، وحتى بداية الاستعمار الفرنسي ، لغة التعليم والمدارس التي ظلت تعلم لغة القرآن الكريم والعلوم الاسلامية المختلفة . ([89])
ومع توالي الاعوام والقرون اصبحت اللغة العربية ، اللغة المشتركة لجميع سكان تشاد على اختلاف قبائلهم وجماعاتهم الإثنية وتباين دياناتهم .([90])
وعلى الرغم من محاولات الاستعمار الفرنسي طمس او محو استعمال اللغة العربية واحلال الفرنسية محلها ، (*) الا ان هذه المحاولات لم تنجح ، إذ صمدت العربية ليس لأنها لغة الاسلام حسب ، وانما لأنها اصبحت ايضاً جزءاً من النسيج الاجتماعي التشادي .([91])
فاللغة العربية غدت لغة وطنية تشادية كما انها اللغة الأم لعدد كبير من أهل تشاد ([92]) وبدأ الاعتراف الرسمي باللغة العربية في تشاد على مراحل ، إذ اضطر المستعمر الفرنسي الى "التعامل" مع اللغة العربية ، كلغة مفهومة ومتداولة بين جميع التشاديين على اختلاف انحداراتهم الاثنية ، لذلك نراه يصدر صحيفة باللغة العربية تحت أسم (كوكب التشاد) في محاولة لإيصال افكاره باللغة العربية للمواطن التشادي .([93]) كما أن الاذاعة التشادية  في العهد الفرنسي – وتحديداً في عام 1955 ، ابتدأت بث ارسالها باللغات الفرنسية والعربية والساراوية .([94])
وتطورت المكانة الاجتماعية والسياسية للغة العربية بعد الاستقلال باطراد قوي ، حيث شهدت مرحلة تعدد الاحزاب السياسية ، خلال السنوات الاخيرة من عهد الاستعمار الفرنسي ، والسنوات الاولى من زمن الاستقلال 58 – 1962 ، مناداة واضحة من قبل عدد من الاحزاب باستخدام اللغة العربية في الدوائر الرسمية .([95]) وظهر هذا المطلب بشكل قوي من قبل بعض القوى السياسية عام 1966 ، ولا سيما من قبل جبهة فرولينات ، التي طالبت باستخدام اللغة العربية في الدوائر الرسمية كاحد الاهداف الأساسية للثورة التشادية .
وبشكل عام فإنه ابتداءاً من تاريخ 15/12/1959 بدأ عملياً الاعتراف بتدريس اللغة العربية في المدارس الرسمية التشادية وبعد الاستقلال إشار الرئيس تومبالباي اكثر من مرة لأهمية اللغة العربية .([96])وظهر مطلب استخدام اللغة العربية في الدوائر الرسمية بشكل واضح المعالم خلال عام 1966 من قبل جبهة الثورة التشادية (فرولينات) ، التي طالبت باستخدام اللغة العربية في الدوائر الرسمية كاحد الاهداف الأساسية للثورة التشادية.([97])  وعًّدت العربية ، لغة معتمدة في تشاد حتى سنة 1975 ، مع لغة السارا ، لكن الفرنسية ظلت حتى ذلك العام لغة رسمية وحيدة .([98]) واعترف فيليكس معلوم – الرئيس الثاني في تاريخ تشاد المعاصر باللغة العربية لغة رسمية ، وذلك خلال عام 1978 .([99]) وأعترف الدستور التشادي عام 1985 باللغة العربية لغة رسمية في الدولة الى جانب اللغة الفرنسية([100]) والبعض يقول أن الاعتراف بها لغة رسمية أقُر عام 1987 .([101]) وخلال أنعقاد المؤتمر الوطني التشادي المستقل خلال شهر نيسان عام 1993 ، أثيرت قضية اللغة العربية مرة اخرى ، وقد أقر المؤتمر المذكور العربية كلغة رسمية الى جانب اللغة الفرنسية .([102]) على أية حال ، أصبحت العربية – الأن- لغة رسمية معترف بها في تشاد.([103]) 
فضلاً عن تميزها عن الفرنسية ، كونها اللغة الوحيدة المنتشرة في انحاء البلاد ، كما انها اللغة الوطنية الوحيدة التي تمتلك أبجدية خاصة بها . فالعربية هي اللغة المحلية الوحيدة التي لها حروف خاصة تكتب بها من بين اللغات التشادية المحلية الاخرى . ([104]) والعربية هي اللغة السائدة في العاصمة انجمينا ، وهي لغة معروفة من قبل المسلمين والمسيحيين ، السارا وغيرهم .([105]) كما انها اصبحت لغة الخطاب السياسي ، ولغة الشارع السياسي التي يعرفها جميع التشاديين تقريباً، وبالتالي فهي اللغة الاكثر استعمالاً من قبل جميع السياسيين بمختلف مشاربهم السياسية.([106]) فضلاً عن كونها لغة السوق التجاري ، فإي عربي يستطيع أن يبيع ويشتري بلغته من أي سوق أو شارع ولا يحتاج الى من يرافقه لفهم اللغة ، وهذا دليل وبرهان على قوة الوجود العربي ، ومدى انتشار اللغة العربية في البلاد ، سواءاً على الصعيد الشعبي او الرسمي ، السياسي أو التجاري فضلاً عن الحضور الثقافي بابعاده المختلفة .
1-8 – التعليم العربي في تشاد
  أنطلق التعليم العربي في تشاد في بداياته الاولى من المساجد وحلقات العلم والخلاوي (الكتاتيب) وبيوت العلماء وصالونات السلاطين وكبار التجار . فهذه هي المؤسسات الاولى التي تلقى فيها الطلاب العلم ونشروه بعد ذلك / بعد أن اصبحوا مدرسين وعلماء / لمن يطلبه . ولكن ابتداءاً من القرن التاسع عشر بدأت مظاهر التغيير تظهر في هذه المؤسسات ، خاصة بعد ان استطاع أبناء البلاد الذين رجعوا من مراكز التعليم الاسلامي الكبرى مثل الازهر والقيروان والزيتونة وفاس ومعهد أم درمان العلمي ومعهد البيضاء يرجعون الى البلاد ويحاولون اجراء تعديلات في نمط مؤسسات التعليم العربي الاسلامي في تشاد .([107])
ويذكر البعض ان اهم تحول في مؤسسات التعليم العربي هو ما قام به الشيخ محمد عليش عووضه بتأسيسه للمعهد العلمي في مدينة ابشه في منطقة وداي عام 1945 ، والذي احدث نقله نوعية ، لأنه ركز جهوده على الشباب ، ولأنه افرد اهتماماً خاصاً لدروس الانشاء والاملاء والخط والنحو والصرف المبسط الذي يركز على تعليم العربية باسلوب واقعي . واضاف المعهد مواد اخرى مثل الحساب و المنطق والتاريخ والجغرافية . وبذلك يكون معهد ابشة قد قدم نموذجاً جديداً للتعليم العربي اقتدى به وتبعه جمع كثير ، فظهرت بعد سنوات الكثير من المؤسسات العربية ، تحت أسم المدارس العربية والمعاهد العلمية على منوال المعهد العلمي هذا (معهد ابشة).([108]) وخلال عام 1957 وبجهود الزعماء الوطنيين ادخلت اللغة العربية ، الى مجال التعليم العام في تشاد ، وأخذوا يعدون لها الأطر اللازمة في ظل نهج أرادوا له ان يكون وطنياً نابعاً من تراث تشاد وتاريخها .([109])
وحالياً تنتشر مؤسسات التعليم العربي في عموم تشاد ، وإن كان تركزها في الوسط ولا سيما العاصمة انجمينا ، فضلاً عن الشمال . إذ نجد في العاصمة وحدها 74 مؤسسة تعليمية عربية منها 49 مؤسسة ابتدائية و 11 مدرسة اعدادية و 6 مدارس ثانوية ، ومؤسستان للتعليم المهني ، هما القسم العربي بمعهد المعلمين والمعهد الثانوي الصناعي التابع لهيئة الاغاثة الاسلامية العالمية و 6 مؤسسات للتعليم الجامعي ، هي كلية اللغة العربية و كلية التربية بجامعة الملك فيصل وقسم اللغة العربية و قسم التاريخ و قسم الرياضيات والعلوم في جامعة انجمينا .([110]) وتأتي بعد العاصمة (انجمينا) محافظة وداي ومركزها مدينة ابشة ، التي تحتضن 20 مؤسسة تعليمية عربية منها 12 مدرسة ابتدائية و 3 اعدادية و 3 ثانوية ، ومعهد مهني ، والقسم العربي بمعهد المعلمين العالي بمدينة ابشة . ثم تأتي بعد ذلك محافظات مثل بلتن والبحيرة وشاري الأوسط ، وفي كل منها 7 مؤسسات للتعليم العربي ، وتعقبها محافظة كانم 6 مؤسسات ، ومحافظة البطحاء 5 مؤسسات ، ومحافظة قيرا 3 مؤسسات ، و محافظة بركوانيدي تبستي مؤسستان للتعليم العربي ، واخيرا تأتي المحافظات التي لا توجد فيها إلا مؤسسة واحدة للتعليم العربي وهي لوغون الغربية ولوغون الشرقية ومايوكيبي وسلامات وتنجلي . ([111])
ومن اللافت ان توزيع مؤسسات التعليم العربي في تشاد يتركز – كما اسلفنا في الوسط و الشرق والشمال ويقل كلما اتجهنا جنوباً حيث نجد الكثافة كبيرة في انجمينا و أبشةومتوسطة في البحيرة و بلتن وشاري الاوسط وكانم والبطحاء وتلحق بها قيرا ثم تنخفض الكثافة في المحافظات الجنوبية ماعدا شاري الاوسط مثل تنجيلي ومايوكيبي ولوغون الغربية ولوغون الشرقية . ولكن قلة المؤسسات العربية في محافظتي (بوركو انيدي تبستي) و (سلامات)المسلمتين تحتاج الى تفسير ، حيث نجد ان صعوبة المواصلات أو الوصول الى هذه المناطق هو العامل الأساسي الحائل دون نمو المؤسسات العربية فيهما ، حيث نجد(بوركو انيدي تبستي) في اقصى الشمال ، بينما (السلامات) في اقصى الجنوب الشرقي لتشاد ، وكلتاهما تعيشان شبه منقطعتين عن البلاد في بعض فصول السنة ، خاصة فصل الخريف بالنسبة لمحافظة السلامات ، وفصل الصيف بالنسبة لمحافظة (بركوانيدي تبستي).([112])
وعلى صعيد المؤسسات العربية (الوافدة) ، يمكن ان نشير الى التجربتين السعودية و المصرية . فبالنسبة للتجربة السعودية ، التي المحنا اليها عند ذكر جامعة الملك فيصل في العاصمة انجمينا . وهذه الجامعة التي تم افتتاحها عام 1992 ، تضم حالياً بعض الكليات ، والدراسة فيها باللغة العربية ، وكثير من طلابها من خريجي المدارس الثانوية العربية في تشاد .وقد تم الاعتراف بهذه الجامعة رسمياً بموجب المرسوم الرئاسي التشادي رقم (017) بتاريخ 3/2/1995 ، نظراً لأهميتها في الهيكل التعليمي العالي في تشاد . وقد خرجت الفوج أو الدفعة الاولى في العام الجامعي 94 – 1995 ، والدفعة الثانية من خريجيها في العام الجامعي 95 / 1996 . ([113])
وبالنسبة لمصر فانها أوفدت اساتذة للعلوم والرياضيات من جامعة الازهر ، وذلك بطلب من المجلس الأعلى التشادي للشؤون الاجتماعية الاسلامية . كما ان جامعة الأزهر وبطلب من المجلس المذكور أبرمت اتفاقية تقضي بانشاء ثلاثة معاهد أزهرية في تشاد لتلبية حاجة المجتمع التشادي للتعليم العربي الاسلامي في كل من مدن انجمينا وأبشة وسار . وقد فتح معهد ابشة بشرقي تشاد ابوابه للطلاب في العام الدراسي 93 – 94 ، ومعهد انجمينا (العاصمة) 95 – 96 ، ومعهد سار (جنوبي البلاد) 96 – 1997 . وهي معاهد علمية تسير على المنهج الازهري بالكامل ويوفر لها الأزهر الطاقم البشري والمنهج والمعدات مثل المختبرات العلمية ، بينما على المجلس الاعلى التشادي للشؤون الأسلامية أن يوفر لها المباني والتأثيث ، وهذه المعاهد تضم المراحل الابتدائية والاعدادية والثانوية بقسميها العلمي والأدبي . ([114]) 
ومن جانب أخر تدل المؤشرات الاحصائية على ان عدد الطلبة التشاديين الدارسين باللغة العربية في أزدياد مستمر . فاحصاءات البنك الدولي عن حالة التعليم والتربية في تشاد خلال عام 1988 ، تقول : أنه يوجد في البلاد 40.000 طالب وطالبة يترددون على المدارس العربية ، وهي تمثل 15% من عدد الطلاب الكلي في البلاد وفقاً لارقام ذلك العام .([115]) 
وخلال عام 1993 ارتفع العدد الى 193.000 طالب وطالبة ، والمقارنة واضحة بين الرقمين ، كما أن المؤشرات الاحصائية للعام نفسه (1993) أظهرت – وفقاً لبيانات مفتشية التعليم – ان نسبة المدارس العربية تفوق نسبة المدارس الفرنسية 59% مقابل 41% .([116]) وهذه مؤشرات ايجابية لصالح التعليم العربي واللغة العربية ، بل ولمستقبل الوجود العربي في تشاد ، ومستقبل علاقات تشاد بالوطن العربي . لا سيما وان تشاد شرعت منذ مدة في اجراءات تعريب اللوحات واللافتات وواجهات المؤسسات والدوائر الرسمية ، وكذلك تعريب الاوراق الرسمية . وشمل التعريب الجانب الاعلامي ايضاً اذ صدرت صحف تشادية باللغة العربية ، منها صحف : انجمينا اليوم ، البحيرة ، الحوار ، الحرية ، الاستقلال و النصر .بيد ان عدد الموظفين المتعلمين باللغة العربية لا يزال قليلاً ، اذ لاتزال نسبتهم بحدود 7% من عدد الموظفين الإجمالي([117])
على صعيد اخر ، يلاحظ ازدياد حجم النتاج الثقافي التشادي المنشور باللغة العربية سنة بعد اخرى . فعلى سبيل المثال تم – خلال العقد الاخير – جمع حوالي مائة عمل ثقافي مكتوب بالعربية لكتاب محليين ، منها مثلاً كتابات الشيخ عبد الحق السنوسي ، الاستاذ محمد عثمان علي ، الاستاذ عبد الرحيم محمد جبر ، الدكتور عبد الرحمن عمر الماحي ، الدكتور فضل كلود الدكو ، الدكتور محمد صالح ايوب ، الدكتور عبد الله محمد ادم .و هؤلاء الاربعة هم طلائع حملة الدكتواره التشاديين المتخرجين من الاقطار العربية ([118]) ، بمعنى ان لغة تعلمهم كانت العربية ، وقد اعتمدنا في كتابة هذا المبحث على نتاجات ثلاثة منهم ، كما هو مبين في الهوامش.
1-9 – النشاط السياسي
  بدءاً ينبغي القول ، أنه من الصعب جداً تحديد النشاط السياسي لعرب تشاد ، وذلك لسبب بسيط ، يتعلق بتداخل اسماء العرب مع نظرائهم المسلمين في تشاد ، وبالتالي فمن الصعب تمييز العربي عن نظيره من قبائل التوبو أو التيدا أو القرعان أو الزغاوة او المساليت أو غيرها ، ليس لتشابه الأسماء فقط ، وانما لتشابه الملامح والسمات . وعليه فان معرفة نشاط من هو عربي عن غيره يتطلب متابعة دقيقة للسيرة الذاتية للشخصية المراد دراستها وهذه العملية ليست سهلة ، وذلك لشحة المعلومات المتعلقة بهذه المفردة . ومع ذلك نقول أنه  يمكن تلمس بعض المعالم الاساسية على هذا الطريق الشائك . ومن هذه المعالم التي يمكن ان نتوقف عندها ، شخصية السياسي المعروف احمد غلام الله (*) –الذي أسس عام 1952 ، تنظيما سياسياً تحت أسم الحركة الاشتراكية الافريقية ، التي كان لها ارتباط مع الحزب الاشتراكي الفرنسي ، بيد انها كانت في الوقت نفسه تحمل افكاراً قومية عربية ، موالية للناصرية .([119]) 
لذلك فان حركته كانت مع فكرة الحكم الذاتي لتشاد تمهيداً لاستقلالها عن فرنسا ، وهذا يعني ان الحركة لم تكن ترغب بدخول تشاد وراء فكرة الاتحاد الفيدرالي [الاتحادي] مع افريقيا الوسطى ، الغابون والكونغو الاوسط [الفرنسي] . ([120]) وكانت (الحركة) تضم عناصر مختلفة ،منهم: سلاطين وعمد ومشايخ القبائل ورؤساء العشائر . وكانت افكارها تتراوح بين القومية العربية والاتجاه الاسلامي والنزعة الاشتراكية.([121]) وكان غلام الله ، الذي يجيد اللغة العربية ويعتز بعراقتها ، يدعو في بداية تأسيس حركته ، الى ضرورة العمل على تعميم أستعمال اللغة العربية في الدواوين الحكومية ، وعودة تشاد الى مكانتها التاريخية السابقة . وقد شهدت حركته النجاح لأنها ترافقت مع أحداث كثيرة ، أهمها أندلاع الثورة في مصر عام 1952 ، تلك الثورة التي أتضحت معالمها القومية والوطنية والاستقلالية مع الأيام . بيد أن حركة غلام آخذت بالتراجع لاسباب عديدة ، منها عدم ثبات غلام الله على مواقفه ، ودخولها في صراعات مع الاحزاب المنافسة الاخرى فضلاً عن مواقف السلطة الفرنسية منها .([122]) ومع ذلك فان غلام الله شكل حكومة من 12 وزيراً في 12 / اذار / 1959 ، تولى فيها الى جانب منصب رئيس الوزراء ، حقيبة الداخلية ، بيد ان وزارته لم تستمر سوى 12 يوما .([123]) ويذكر احد المصادر ، ان غلام الله كان المرشح الوحيد للرئاسة ابان سنة الاستقلال عام 1960 ، وذلك من حيث نضجه السياسي – كما يقول المصدر الذي اضاف – انه ( تم بالفعل انتخابه لمنصب رئاسة الجمهورية ، غير ان الفرنسيين كانوا بالمرصاد لهذا الاختيار فحشدوا كل إمكاناتهم الأعلامية المضادة مما ادى الى عزله بعد شهر واحد فقط من توليه لمنصب الرئاسة ) .([124]) وابداله بـ مسيحي جنوبي من قبائل السارا ، هو فرانسوا تومبالباي .(*) ([125])
ومما يجدر ذكره ، ان احمد غلام الله ، كان قد حل حزبه [الحركة الاشتراكية الافريقية] ، وأسس حزباً جديداً في 30 / كانون الثاني عام 1960 اطلق عليه (الحزب الوطني الافريقي ) بالتعاون مع شخصيات تشادية منها جان باتيست ، ساهولبا وجبريل خير الله . بيد ان هذا الحزب شأنه شأن الاحزاب الاخرى – باستثناء حزب رئيس الجمهورية (الحزب التقدمي التشادي) – تعرض للحل في 29/1/1962 بسبب قرار أتخذه الرئيس تومبالباي يقضي بالغاء تعدد الاحزاب ، ليصبح حزب الرئيس ، هو الحزب المسيطر على السلطة .([126])
ومما يجدر ذكره ، إن ابن السيد غلام ، المدعو عبد الرحمن غلام ، كان هو الأخر قد أنخرط في النشاط السياسي ، اذ شكل حركة سياسية أسماها (الاتحاد الاشتراكي) ، والتي كان لها نشاط سياسي ملحوظ في الثمانينات ، ولا سيما خلال عام 1986 .([127]) ، خلال حكم الرئيس حسين حبري [82 – 1990] ، وخلال العام نفسه (1986) تولى احد العرب ، وهو السيد عاشق بن عمر رئاسة حكومة الاتحاد الوطني الانتقالية الجديدة ، في ظل حكم الرئيس حبري ، وكان السيد أبن عمر يمثل حركة سياسة هي المجلس الديمقراطي الثوري .([128])  
وقد تولى (ابن عمر) في مرحلة لاحقة حقيبة الخارجية في حكومة حبري ، الا أنه يعد الأن ضمن المعارضة السياسية ويقيم خارج البلاد .([129])
ومن السياسيين العرب المعاصرين نذكر أصيل احمد اغبش الذي يتولى زعامة حركة المجلس الوطني الديمقراطي ، وكان من قبل احد معاوني السياسي العربي التشادي محمد الباقلاني امام  رئيس جبهة البركان (فرولينا) الذي توفي في ليبيا في 27/3/1977.([130]) ومما يجدر ذكره ان أصيل احمد أغبش ، كان قد دخل مع مجموعة من الحركات والاحزاب في تشكيل الحكومة الأولى للرئيس غوكوني عويدي [78 – 1982] التي تشكلت خلال عام 1978 . وهناك أسماء سياسية عربية كثيرة في تشاد المعاصرة ، مثل هجر وأدم السنوسي والذي دخل في حكومة عويدي أيضاً ، وهو من جبهة (فرولينات) ، وابو صديق من الجبهة ذاتها ، بيد أنه لا تتوفر معلومات كافية عنها ، وبالتالي فإنه لا يمكن الحديث الوافي عنها ، في ظل هذا الشح المعلوماتي !
وعلى صعيد أخر ، ينشط عدد من العرب التشاديين ومعهم بعض مثقفي اللغة العربية في تأسيس الجمعيات التي تدافع عن اللغة العربية والارث الثقافي العربي – الاسلامي في تشاد . ومن الجمعيات التي أسسها هؤلاء نذكر ((رابطة مثقفي اللغة العربية)) التي تأسست بتاريخ 16/3/1992 بالعاصمة انجمينا . وتسعى الرابطة لتحقيق جملة اهداف منها :
( أ- توظيف اللغة العربية في احياء التراث الوطني المستمد من تاريخ شاد العربي الاسلامي ب. الاستفادة من القدرات الوطنية بتسخير قدرات مثقفي اللغة العربية وذلك من خلال السعي 
    لاشراكهم فعلياً في العمل الرسمي للدولة الشادية .
ج. مسايرة الصحوة الثقافية العالمية والاستفادة منها عبر حوار الحضارات.
د. تعمل الرابطة على حل مشاكل مثقفي اللغة العربية وذلك من خلال التشاور مع السلطات 
   التشادية المختصة.
 وقد ساهمت الرابطة في النشاطات العامة واهمها دخول امينها العام الى المؤتمر الوطني المستقل عام 1992 ودفاعه عن المثقفين باللغة العربية مما أهله لأن يختار من ضمن اعضاء البرلمان الشادي المؤقت ) .([131])
ومن الجمعيات التي أنشأها العرب ومثقفو اللغة العربية ، نشير الى جمعية احياء التراث العربي الاسلامي والتي تحمل على عاتقها رسالة واضحة متمثلة بضرورة التعليم والتأهيل و المشاركة في الدولة للقيام بالواجب واكتساب الحقوق .([132]) اخيرا يمكن القول ، ان هذا المبحث المتواضع ، كشف عن حقيقة مُغيبة لدى الكثير ، وهي ان تشاد تكاد ان تكون دولة عربية ، بل دولة عربية بلغتها وتراثها و أعتزاز كثير من ابنائها بانتمائهم العربي ، وبالتالي حق لها ان تكون ضمن اطار الوطن العربي ، مثلما هي ضمن الاطار الافريقي.
 
 

 

(* ) انظر فيما تقدم                         New African Year Book, 1979 . P.110,114:                     ؛ د. عبد المنعم الصاوي [تقديم] ، دليل الدول الافريقية ، (القاهرة : الجمعية الافريقية ، 1975 ) ص ص 172 – 176 ؛ تقرير التنمية البشرية لعام 2001 (الأمم المتحدة : البرنامج الانمائي ، طبعة القاهرة ، 2001 ) ص ص 175 ، 181 ؛ مركز المعلومات القومي ، الكتاب الاستراتيجي السنوي ، (دمشق : (المركز) كانون الثاني 2000 ، ص 1 من 1 .
(* ) يرى البعض ان اسمها هو : بحيرة الشط ، وهو اسم عربي ، بيد انه تعرض للتحريف من قبل الاوربيين ، فاصبح شاد او تشاد Chad .
انظر : د. محمد صالح ايوب . افريقيا و العرب . . الثقافة والهوية : الوجود العربي الاسلامي في تشاد . جامعة ناصر الأممية : طرابلس / ليبيا المائدة المستديرة العاشرة / تموز 2000 ص2 . 
(**) تكونت بحيرة تشاد – التي هي عبارة عن منخفض طبيعي – بفعل أنحدار نهري شاري ولوغون القادمين من جمهورية افريقيا الوسطى المجاورة ، فضلاً عن أنسياب مياه الامطار اليها من الهضاب المجاورة. وتشكل البحيرة حالياً نقطة التقاء الحدود التشادية مع النيجر ونايجيريا والكاميرون.
([1] ) د. محمد صالح ايوب ، المصدر نفسه ، ص2.
([2] ) انظر كلمة الاستاذ التشادي : محمد احمد الحبو : شخصية مرجعية لدى المؤتمر الوطني المسقل . انجمينا . فبراير ، شباط 1993 ، ص1.
([3]) عبد الرحمن عمر الماحي ، تشاد من الاستعمار حتى الاستقلال 1894 – 1960 (القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب 1982 ) ص13 .
   عن : الشاطر بصيلي ، تاريخ وحضارات السودان الشرقي والأوسط : ص ص 408 ، 432 . 
([4]) د. محمد صالح ايوب ، ص2.
([5]) د. محمد صالح ايوب ، التغيرات الاجتماعية الكبرى وأثرها على الشخصية الشادية . جامعة شاد : المعهد الوطني للعلوم الأنسانية ، الندوة العالمية حول الشخصية الشادية – الميراث الشعبي والتأثيرات الخارجية . ص1.
(*) سوف يرد الحديث عنها في موضع لاحق .
([6]) دنيزبولم ، الحضارات الأفريقية ز ترجمة نسيم نصر (باريس : منشورات عويدات ، ط2 ، 1978 ،) 
ص ص 68 – 84 ، 182 – 184 .
([7]) نقلاً عن : د. محمد صالح ايوب ، التغيرات الاجتماعية . . ص1 .
([8]) د. عبد الفتاح مقلد الغنيمي ، حركة المد الاسلامي في غربي افريقيا ، (القاهرة : مكتبة نهضة الشرق 1985 ) ص236 نقلاً عن : ابو عبيد البكري ، المغرب في ذكر افريقيا والمغرب . 
([9]) فضل كلود الدكو ، الثقافة الأسلامية في تشاد في العصر الذهبي لأمبراطورية ((كانم)) من 600 – 1000 هـ / 1200 – 1600 م. (د.م كلية الدعوة الأسلامية ، 1998 ) ، ص ص 19 ، 61 ، 79 ، 84 وقارن مع : ابراهيم صالح بن يونس ، تاريخ الأسلام وحياة العرب في امبراطورية كانم . القاهرة ، مطبعة الحلبي ، ص ص 26 ، 28 ، 61 ، 62 .
(* ) نعني بالعهد الكانمبي ، العهد الذي شهد قيام دولة كانم – برنو . وهذه الدولة كانت قد ظهرت بحدود القرن الثامن او التاسع الميلادي ، واستمدت اسمها من مؤسسيها من قبائل الكانمبو ، الكانوري والكوري ، وإن كان حكامها ينسبون أنفسهم الى سيف بن ذي يزن – القائد العربي اليمني المعروف - . ومن الجدير بالذكر ان اقليم هذه الدولة ، شملت في البداية منطقة شمال بحيرة تشاد حتى حدود ليبيا – مصر ، اذ كانت عاصمتها ((نجيمي)) أو ((اوجيمي)) تقع عل مقربة من البحيرة ، ثم امتدت اقاليمها نحو الجنوب الغربي من البحيرة حيث يقع اقليم برنو ، الذي تقع فيه عاصمتها الثانية ((برني)) . وتوسعت الدولة باتجاه الجنوب فشملت منطقة باقرمي حول نهري شاري ولوجون ، ونحو الشرق حتى حدود السودان. وعاشت دولة كانم عصرها الذهبي خلال المدة من 1200 – 1600 م ، وبعد ذلك بدأت بالضعف والانحلال حتى انتهت في آواخر القرن التاسع عشر على يد الامير العربي رابح فضل الله القادم من السودان – سنتحدث عنه في موضع لاحق – الذي أستشهد فيما بعد اثناء تصديه للقوات الفرنسية الغازية عام 1900.
 انظر فيما تقدم : فضل كلود الدكو ، ص ص 7 ، 31 ، 54 ، 215 – 220 ؛ محمود شاكر ، تشاد ، مواطن الشعوب الاسلامية في افريقيا (6) ، (بيروت ؛ دمشق : المكتب الاسلامي ، الطبعة الثانية 1981 ) ص ص 38 – 40 .
([10]) عبد الرحمن عمر الماحي ، ص ص 16-17 ؛ فضل كلود الدكو ، ص ص 13 ، 14 ، 16 ، 32 ، 174 ، 175 ؛ محي الدين صابر ، العرب وافريقيا ص ص 168 – 169 ؛ د. جمال مسعود ، د. وفاء جمعة ، افريقيا التي يراد لها ان تموت جوعاً ، ص 28 ؛ رباح شيخ الارض ، تشاد والعرب ، (لندن : المركز العربي للطباعة والنشر ، 1981 ) ص33.
 (*)من الجدير بالذكر ان بلاد كانم تأثرت كثيراً بالثقافة العربية الاسلامية المغربية ، سواء من حيث اقتباس الخط المغربي في الكتابة ، او التمسك بالمذهب المالكي المنتشر في عموم بلدان المغرب العربي . أنظر : فضل كلود الدكو ، ص 16 ، 49 .
([11]) عبد الرحمن عمر الماحي ، ص 16 .
 
([12]) فضل كلود الدكو ، ص84.
([13]) المصدر نفسه ، ص 84 وقارن مع : د. ابراهيم طرخان ، امبراطورية البرنو الأسلامية ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب 1975 ، ص32 .
([14]) طرخان ، ص 29 .
([15]) فضل كلود الدكو ، ص 85 .
(*) لمزيد من التفاصيل حول مصطلح (الشوا) ، أنظر المبحث الخاص بعرب الشوا في نايجيريا.
([16]) محمود شاكر ، تشاد . . ص54.
([17]) هوبير ديشان ، الاسلام في افريقيا السوداء ، ترجمة احمد صادق حمدي ، مراجعة محمد درازة ، (القاهرة : دار الكتاب المصري 1956 ) سلسه الألف كتاب ، رقم 52 ، ص 132 .
([18]) فضل كلود الدكو ، ص85 .
([19] ) المصدر نفسه ، ص85 .
([20]) فضلا كلود الدكو ، ص ص 87 ، 216 ، 276 .
([21]) ابراهيم اسحق ابراهيم ، هجرات الهلاليين من جزيرة العرب الى شمال افريقيا وبلاد السودان (الرياض : مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية ، 1996 ) ص275.
([22]) المصدر نفسه ص ص 71 – 72 ، عن : A . J . Arkell , A History of The Sudan from
                                       The Earliest Times to 1821 , ( London : 1961 ) , P . 201  
([23]) فضل كلود الدكو ، ص ص 17 ، 243 نقلاً عن القلقشندي صبح الاعشى في صناعة الانشا ، ج8 ص116 ، 117 .
(* ) تأسست مملكة وداي بحدود 1615 – 1635 ميلادي واستمرت حتى اواخر القرن التاسع عشر . وكان موقعها في شرقي تشاد بمحاذاة الحدود الحالية مع السودان . ولعبت هذه المملكة دوراً ملحوظاً في نشر الاسلام واللغة العربية ، اذ كان حكامها من المسلمين الذين استخدموا اللغة العربية في دواوينهم الرسمية ، والشريعة الاسلامية في محاكمهم ، وكان لهم اتصال وثيق بالقاهرة واسطنبول.انظر : عبد الرحمن الماحي ، ص ص 20 ، 44 .
([24]) الماحي ، ص44 .
([25]) فضل كلود الدكو ، ص 87 .
([26]) المصدر نفسه ، ص88 .
([27] ) نفسه ، ص 88 نقلاً عن : د. حسن احمد محمود ، الاسلام والثقافة العربية في افريقيا (مصر، 1931) ص ص 304 – 305 .
(* ) هناك اختلاف بين الباحثين بشأن أصول قبائل التنجر أو التنجور Tunger ، فالبعض يقول انهم عرب ، والبعض الاخر يرى انهم ليسوا كذلك . فالمصدر الذي اشرنا اليه قبل قليل [فضل كلو الدكو ، وحسن احمد محمود ] يرى انهم عربا في أصولهم لكنهم فقدوا لغتهم العربية بتأثير البيئة المحلية . ويبدو أن هناك باحثين اخرين ، يرون ان التنجور عرب ، وهذا ما ذهب اليه الدكتور شوقي ابو خليل ، الذي يرى ان التنجور عرب ، وأنهم هاجروا بحدود القرن الحادي عشر الميلادي من جنوبي تونس وغربي ليبيا الى منطقة دارفور ، وأسسوا هناك سلطنة ، وأسسوا المدارس وأشاعوا الامن والطمأنينة في السودان الاوسط [اجزاء من تشاد]  أنظر : د. شوقي ابو خليل ، تحرير الاستعمار . طرابلس : جمعية الدعوة الاسلامية العالمية ، 1991 ) ص 29 وهذا ما ذهب اليه محمد درويش حوسى – رئيس جمعية احياء التراث العربي والأسلامي في وسط افريقيا ، وهو من تشاد – من ان التنجر عرب ، وكلمة التنجر أصلها التجر او التجارة والمؤسس تاجر ، والتنجر قدموا من تونس . أنظر: محمد درويش حوس ، (عرب تشاد : نحن عرب بكل الأصالة . . ولكننا نبحث عن التواصل والوحدة ) . العرب العالمية 26/7/2000 . ص7 .
ويذكر مصدر أخر ان (التنجر ينتمون الى بني هلال الذين غزوا مراكش في القرن الحادي عشر الميلادي ، وعادوا بعد ذلك الى تونس حيث استقروا فيها . وفي القرن الخامس عشر غزا جماعة منهم بلاد الزغاوة ودار مساليت ومابا وداجو ودارفور ، واستطاعوا فرض سيادتهم على تلك المناطق لفترة من الوقت . ومن اشهر مدن التنجر في تشاد مدينة (ماندو) باقليم كانم. ) أنظر : عبد الرحمن عمر الماحي ، تشاد . . . ص18 نقلاً عن : الشاطر بصيلي . تاريخ وحضارات السودان الشرقي والأوسط ، ص432.
ويذكر الماحي ان التنجر استولوا (على بلاد الزغاوة والمابا ، وأسسوا مملكة واسعة الارجاء كانت عاصمتها ((كتم)) وبسطت هذه المملكة نفوذها على دارفور).  ص18 .
ويذهب باحثون اخرون الى (أنه ابتداءا من القرن الرابع عشر الميلادي ، دخل بلاد دارفور عنصر مغربي من تونس يتمثل في شعب التنجور ، وأن أخوين هما علي واحمد من أهل تونس قد استقرا بالتشاد كامراء. ) أنظر في ذلك : د. عبد الجليل التميمي ، الروابط الثقافية المتبادلة بين تونس وليبيا ، ووسط وغرب افريقيا خلال العصر الحديث. في : د. يوسف فضل حسن [اعداد] ، العلاقة بين الثقافة العربية والثقافات الافريقية 
( تونس : المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، 1985 ) ص62 ، وقارن مع : حسن ابراهيم حسن ، انتشار الاسلام والعروبة فيما يلي الصحراء الكبرى ، ( القاهرة : معهد الدراسات العربية 1957 ) ص112. ويرى نفر أخر من الباحثين ان التنجريين ( تحدروا من وادي حلفا في مصر ، وتزاوجوا بـ ((الفور))  ثم اقاموا في الوادي [شرقي تشاد] و بَقَرمْي [جنوبي تشاد] ، ودخلوا كانم حيث كان لهم تاريخ طويل . ويتكلم سكان الوادي [وداي]منهم ، شأن دار زيود العربية الحديثة شأن اعراب المشرق ويشار اليهم ، لذلك على أنهم ((عرب)) بمعنى الكلمة الضيق . ويعيش منهم في كانم تشاد كما يعيشون في بُرْنو (نيجيرية ) ودارفور (السودان) ) .
أنظر : رباح منير شيخ الأرض ، تشاد والعرب ، ص44. ويسجل أحد الباحثين أن ( التراث الشعبي . . . يقول بتوفر الدماء الهلالية بين قبائل الداجور والتنجر والفور والبرقد من المستعربين ، وبين الهبانية وبني هلبا والزيادية والمعالية والرزيقات ودار حامد ، من الرعاة البدو ) . ابراهيم اسحاق ابراهيم ، هجرات الهلاليين . . . ص 174 .
وبخلاف ما تقدم ، فان باحثين اخرين يرون ان التنجور ليسوا عرباً ، و إن كانوا لا يعرفون – الأن – لغة غير العربية ، التي اصبحت بالنسبة لهم لغتهم الأم !
ومن هؤلاء الباحثين ابراهيم اسحاق ابراهيم ، الذي يقول أنه (ليس من دليل قوي على أنهم قد تكلموا في بلاد السودان الاوسط [تشاد] بلسان يخصهم غير العربية ، ذلك فيما عدا تعلمهم احياناً لغات جيرانهم من الفور في دارفور والكانوري في تشاد . ) ويذهب ابراهيم بعد مناقشات مستفيضة لاراء عدد من الباحثين العرب والمستشرقين الاوربيين ، الى ان التنجر يرجعون الى اصول نوبية ،  وان اصولهم ربما لا تخلو من بعض الدماء (العربية) الهلالية !
أنظر : ابراهيم اسحاق ، هجرات الهلاليين ، ص ص 209 – 217
ويقول في موضع أخر معززاً رأيه : أن لغة التنجر ذات أصول نوبية ، وأن تراثهم يعود الى بلاد النوبة . ص 238 .ومن جانب اخر يرى ان سلطة التنجر في اقليم وداي التشادي ظلت ( على وثنيتها على الرغم من انحصارها في وسط مسلم ، حتى دخل فيها من الجعليين عبد الكريم بن يامي فأثار الاعراب والمسلمين على وثنيتها واسقطها ) . ص254 وهذا يعني انهم ليسوا عرباً ، بدليل بقائهم على الوثنية بعد قرون من ظهور الاسلام ! على أية حال ، ومهما قيل في اصولهم ، فإن التنجر الذين حلوا بإرض تشاد كما يذهب الى ذلك ابراهيم اسحق ابراهيم نفسه - ، لا سيما (بمنطقة جبل حريز ، قد انغمسوا في الوسط الاعرابي هناك . وذلك الوضع أدى بهم تدريجياً الى نتيجيتين : الأولى هي الضياع المطلق للغة التنجراوية النوبية الأصل ، وحتى ضياع لغتي الفور والزغاوة اللذين عاشروهما في شمال دارفور . وبذلك صار التنجر الى موقف قبلي مماثل لقبائل البرتي والبرقد والقمر وسواهم ، ممن تم تعربيهم واستكمال حصرهم في العربية لتصير لسان رضاعة ولغة وحيدة للتخاطب العام . والثانية : هي ان مخالطة الاعراب في سط دارفور ، زيادة على امكانية استغلال التنجر لدخول بعض بني هلال فيهم استغلالاً (ايديولوجيا) ساق الى انتحالهم الأصل العربي الهلالي الإسلامي ، الذي رأوا فيه سمواً وفخراً يرفعونه في وجوه قاهريهم من الكيراوأشياعهم الفور والشامتين من الرعية  بعد ضياع سلطانهم) . ص 251 .
اخيراً ، نقول ان التنجر – وفق ما يرى كاتب هذه السطور – هم عرب طالما انهم يتكلمون اللغة العربية ، وطالما انهم يشعرون بانهم عرب ويعتزون بانتسابهم العربي ، وبلغتهم العربية التي هي لغتهم الأم . فالمعيار الثقافي – اللغوي فضلاً عن معيار المشاعر هو الأساس في تحديد الانتماء أو تحديد الهوية ، وليس المعيار العرقي !. فكم من عربي [اصيل] ضاعت هويته العربية الأصيلة بحكم الانصهار وتعاقب الاجيال في المجتمعات المختلفة ، ومنها المجتمعات الافريقية نفسها كما مر بنا .
([28]) فضل كلود الدكو ، ص 88 وقارن مع : ابراهيم صالح بن يونس ، ص 34 .
([29] ) المصدر نفسه ، ص 89 ، وقارن مع المصدر ذاته ، ص18 .
([30] ) المصدر نفسه ص89 .
([31]) المصدر نفسه ، ص90 وقارن مع : حسن احمد محمود ، الاسلام والثقافةاالعربية في افريقيا ، ص ص 334 – 335 .
([32] ) عبد الرحمن الماحي ، ص ص 80 – 82 .
([33] ) المصدر نفسه ، ص81.
([34]) أنظر في ذلك : أبراهيم اسحق ابراهيم ، هجرات الهلاليين . . . ص ص 111 ، 113 –125 ، 135 ، 172 ، 253 ، ؛ عبد المجيد عابدين [تحقيق وتعليق] ، المقريزي: البيان والاعراب عما بارض مصر من الأعراب . (القاهرة : عالم الكتب ، 1961 ) ص 152 ؛ نصر الدين ابو هداية نور الدين ، الأمن الوطني السوداني ودول الجوار الافريقي .بغداد : الجامعة المستنصرية ، معهد الدراسات القومية ، أطروحة ماجستير ، 2002 ، ص 89 ؛ مقابلة اجراها الباحث مع السيد كبرو حسين الرزيقات ، المستشار الثقافي في السفارة التشادية – بغداد 28 – 3 – 2001 ؛ د. حسن مكي ، تشاد في دفاتر سوداني ، الرأي العام ، الخرطوم 13/1/2002 .
(*) أن الامتداد القبلي والثقافي في العمق التشادي كان ظهيراً لنظيره في السودان . وهو ماحدا ببعض الباحثين الى الذهاب بان الخليفة عبدالله التعايشي الرجل الثاني بعد الامام محمد احمد المهدي من أصل تشادي وعلى وجه التحديد من اقليم البطحا باواسط تشاد . أنظر: احمد ابراهيم جردة ، ( جسور التواصل الثقافي بين السودان وتشاد ترميم ما أفسده الاستعمار وإستشراف المستقبل )  ، المجلة السودانية للدراسات الدبلوماسية . الخرطوم : وزارة الخارجية ، المركز القومي للدراسات الدبلوماسية ، العدد الثاني 2002 ، ص 61 ، عن ابراهيم عبد الشافي ابراهيم ، مختصر تاريخ المساليت ، ليبيا ، 1991 
([35]) ابراهيم اسحق ابراهيم ، هجرات الهلاليين ، ص111 .
([36]) المصدر نفسه ، ص ص 124 ، 125 ، 126 .
([37] ) المصدر نفسه ، ص 122.
([38]) نفسه ، ص ص 116 ، 117 ، 119 ، 120 .
([39]) المصدر نفسه ، ص ص 127 ، 128 .
([40]) المصدر نفسه ، ص 172 ، وقارن مع : عبد المجيد عابدين ، مصدر سابق ، ص 152 .
(*) منذ ستة قرون ونيف ، قال ابن خلدون (ان الكثير من القبائل القديمة والطارئة مثل فزارة وأشجع والعمور ، قد أنضموا الى هلال وسليم، عن طريق الحلف  والولاء والجوار حتى صاروا يعدون من جملتهم. ) ، نقلا عن المصدر نفسه ص 128 .  
([41]) أنظر المقابلة مع المستشار الثقافي التشادي في بغداد. 28/3/2001 مصدر سابق .
([42]) ابراهيم اسحاق ابراهيم ، ص 128 .
(*) الجنيد هو الجد الجامع لمعظم البقارة والأبالة بتشاد والسودان [دارفور وكردفان] . وكلمة البقارة تطلق على الاعراب البدو الذين بدلوا سعايتهم من الأبل الى البقر منذ القرن السادس عشر الميلادي ، وهم ينتشرون على طول الحزام الأوسط من جمهورية تشاد  وعلى الجزء الغربي الأوسط من الجمهورية السودانية بكردفان ودارفور . المصدر نفسه ، ص 85 .
([43]) ابراهيم اسحق ابراهيم ، ص ص 121 ، 122 .
([44]) المصدر نفسه ، ص 135 .
([45]) محمد درويش حوسى ، عرب تشاد ، مصدر سابق ص7 .
([46])د. عبد الفتاح مقلد الغنيمي ، حركة المد الاسلامي في غربي افريقيا ، ص135 .
([47]) ابراهيم اسحق ابراهيم ، ص111.
([48]) المصدر نفسه ، ص114 .
([49]) عبد الرحمن الماحي ، ص142 .
([50]) ابراهيم اسحق ابراهيم ، ص 326 .
([51]) نقلاً عن المصدر نفسه ، ص 253 .
(*) انتشر الجعليون في تشاد منذ القرن السادس عشر الميلادي. وعرف عنهم مهارتهم في الحقل التجاري ، وحماستهم في نشر الاسلام . ويذكر أن مؤسس مملكة وداي بشرق تشاد – والتي اشرنا اليها في موضع سابق – عبد الكريم بن يامي يرجع في اصوله القبلية الى الجعليين ، المصدر نفسه ص ص 253 ، 254 ، 276 .
([52]) عبد الرحمن عمر الماحي ، تشاد . . . ص ص 130 ، 169 .
(*) من المدن المهمة في محافظة السلامات والتي يكثر فيها العرب ، نذكر : أبودية ، منضى حيراز ، منفى ، أم التيمان . المصدر نفسه ، ص169 .ولمزيد من التفاصيل حول انتشار القبائل العربية في تشاد ، أنظر : الخريطة المرفقة مع المبحث والتي توضح ذلك .
([53]) أنظر : ابراهيم صالح بن يونس ، تاريخ الاسلام وحياة العرب في امبراطورية كانم – برنو . جامعة الخرطوم : كلية الاداب شعبة ابحاث السودان ، 1970 ، ص 224 .
([54])  محمد شريف جاكو ، العلاقات السياسية بين تشاد وليبيا – قضية اوزو من 1960 حتى 1990 ، (القاهرة : مكتبة مدبولي ، 1998 ) . عرض عاطف راتب . السياسة الدولية ، العدد 134 ، تشرين الاول 1988 ، ص ص 303 – 304 ؛ ابراهيم اسحق ابراهيم ، ص 126 .
(*) من الجدير بالذكر ان اولاد سليمان ، اشتبكوا تحت قيادة شيخهم عبد الجليل مع الاتراك العثمانيين ، لأجل تحديد النفوذ على فزان – جنوبي ليبيا – وكسروا عام 1842 ، كما قتل شيخهم عبد الجليل ، وقاد ابنه بقايا ذلك الفرع من القبيلة ، واتجه بهم جنوباً نحو الجهات الشمالية من بحيرة تشاد . وهناك تفرع أولاد سليمان وأنتشروا في الدروب الصحراوية وتحركوا بسائر تشاد الشمالية ، ومحافظة كانمبو  فضلاً عن انتشارهم بشمالي نايجيريا . أنظر : ابراهيم اسحق ابراهيم ، ص ص 126 – 127 . وقارن مع : هوبيرديشان ، الديانات في افريقيا السوداء ، ص ص 132 / 133 ؛ د. عبد الرحمن عمر الماحي : الذي يقول أن اولاد سليمان وصلوا الى تشاد منذ عام 1835 قادمين من فزان ، وأنضم اليهم أيضاً فروع من قبائل (التوبو) ، وعدد من قبائل العرب والكادمبو و الزغاوة و الجرعان (القرعان) ، ص 146 .  
(**) للمزيد من التفاصيل حول الحركة السنوسية وأهدافها ومبادئها وبرنامج عملها ، أنظر : محمد شريف جاكو ، العلاقات السياسية بين تشاد وليبيا ، قضية اوزو من 1960 حتى 1990 (القاهرة : مكتبة مدبولي ، 1998 ) ص ص 19 – 20 ؛ د. عبد الرحمن عمر الماحي ، ص ص 140 – 151 ؛ هوبيرديشان ، الديانات في افريقيا السوداء ، ص ص 132 – 133 ؛ د. عبد الرحمن احمد عثمان ، (مفاهيم واليات امتلاك السلطة السياسية بين حركتي الاخوان المسلمين والشيخ عثمان دان فوديو ) ، مجلة دراسات أفريقية، الخرطوم : العدد – 15/ يونيو – تموز 1996 ، ص 31 . ويقول الدكتور عثمان ان السنوسي ولد عام 1798، واعلن فكرته عام 1838 في الحجاز ورحل الى طرابلس عام 1840 واستقر في الجغبوب سنة 1856.ص31.  
([55]) د. عبد الرحمن عمر الماحي ، ص146 .
(*) تذكر مصادر اخرى،انهم وصلوا الى شمالي تشاد عام 1863.أنظر:محمد شريف جاكو،ص ص19–20.
([56] ) الماحي ، ص ص 146 – 147 .
(*) كانت مقاومة السنوسيين في تشاد للأحتلال الفرنسي تقوم على مبدأ محاربة الاستعمار في "ديار الأسلام" ... لذلك فإنهم استمروا في مقاومة الاستعمار ، عندما أنسحبوا الى ليبيا ، وكان هذه المرة أيطالياً ثم انجليزيا الى أن تحررت ليبيا عام 1951 . ومما يجدر ذكره أن خليفة السنوسي الأول و أبنه السيد محمد المهدي ، توفي في غورو – بتشاد – عام 1903 تاركاً ابنا صغيراً هو السيد محمد ادريس، ولذا تركت الزعامة السنوسية في يد أخيه السيد احمد الشريف ، أنظر : د. عبد الرحمن الماحي ، ص ص 150 – 151 ، وقارن مع: مكتبة مدبولي ، اضواء على الطرق الصوفية في افريقيا (القاهرة: "المكتبة "، 1989 )  ص ص 86 – 95 ، 97 ، 98 ؛ د. محمد صالح أيوب ، (الدور الاجتماعي والسياسي للشيخ عبد الحق السنوسي الترجمي في دار وداي – شاد 1853 – 1917 م ) ، دراسات افريقية : جامعة افريقيا العالمية ، مركز البحوث والدراسات الافريقية ، العدد 15 – تموز – 1996 . ص ص 89 – 101 . 
(**) الزبير رحمة باشا . كان في الأصل من اكبر تجار السودان ، واشتهر بتجارة العاج والرقيق . وهو من قبيلة " الجميعاب " ، نسبة الى (جميع)، وهي قبيلة عربية ترجع الى جدها (جموع بن غانم) ، وقد رحل هذا الأخير من بغداد في عام 1258 م بعد تخريب المغول لها ، فحل رحاله في الشام ومنها مضى الى مصر . وفي عهد المعز لدين الله الفاطمي رحل بعشيرته الى الجنوب ، حيث استقرت تلك العشيرة التي انحدر منها الزبير بن رحمة بن علي بن سليمان ، بين جبل (مرَّي) وجبل (الشيخ الطيب) .والزبير رحمة ، ولد في الثامن من يوليو – تموز 1831 ، ومات في أم درمان عام 1913 عن 82 عاماً. وعلى الرغم من انشغاله بالتجارة ، الا أنه انغمس أيضاً في الحياة السياسية والعسكرية ، وقام بغزوات وحروب كثيرة ، وانضوى تحت لواء الدولة الخديوية في مصر ، وتسمى مدينة ديم زبير على أسمه ، والديم يعني الزربية . أنظر : د. شوقي الجمل ، تاريخ سودان وادي النيل ، الجزء الثاني . (القاهرة : معهد الدراسات الافريقية ، 1969 ) ص ص 167 - 168 .  
([57]) د. شوقي الجمل ، تاريخ سودان وادي النيل ص 184 ؛ د. عبد الرحمن عمر الماحي ، ص 130 ؛ محمود شاكر ، ص 47 – 49 .
([58]) محمد شريف جاكو ، العلاقات السياسية بين تشاد وليبيا – قضية اوزو من 1960 حتى 1990 ص27 ؛ حامد عثمان احمد ، مدني محمد احمد [محرران] ، علاقات السودان الخارجية ، البعد العربي والأفريقي جامعة الخرطوم ، معهد الدراسات الافريقية والاسيوية 1991 ، ص ص 208 – 210 ؛ عبد المنعم الصاوي (تقديم) ، دليل الدول الافريقة . (القاهرة : الجمعية الافريقية 1975) ص 173 .
([59]) أنظر في ذلك : محمد درويش حوس ، عرب تشاد ، ص7 ؛ هوبيرديشان ، الديانات في افريقيا السوداء ، ص133 ؛ امين أسبر ، افريقيا والعرب ، ( بيروت : دار الحقائق ، 1980 ) ص ص 26 –27 ؛ محمود شاكر ، ص72 ؛ احمد ابراهيم جردة ، ص61 .
([60]) جاء في حقل : الأسس السياسية والمبادئ الدستورية من الدستور التشادي الحالي ، ما يأتي : 
(( ما أكثر الذين وقفوا في وجه دخول الاستعمار الى البلدان التشادية ، غير أن رابح هو أشهرهم على الأطلاق ، وهو الذي تصدى للحملات العسكرية الفرنسية )) . الدستور التشادي ، ص5 .
(* ) من الجدير بالذكر ، أن رابح دفن بعد استشهاده في العاصمة انجمينا . محمد درويش حوسى ، ص7.
([61]) عبد الرحمن الماحي ، ص268 . نقلاً عن اتفاقية غير منشورة ، محفوظة بـ المعهد الوطني للعلوم الأنسانية – بانجمينا . " اتفاقية بين العقيد لارجو ممثل الحكومة الفرنسية وسلطان وداي ، أصيل " . إبشة – 27 /1/1912 – الحاكم العسكري لأقليم تشاد العقيد لارجو.
(*) (يتنقل العرب البدو من منطقة لآخرى بحثاً عن الماء والمراعي لمواشيهم ، ولذلك أتخذ الفرنسيون بعد الاحتلال هذه الاجراءات لكي يتمكنوا من معرفة عدد مواشيهم وفرض الضرائب عليهم ) . المصدر نفسه ، ص268 .
([62]) الماحي ، المصدر نفسه ، ص168 .
(*) فرولينات – Frolinat : تأسست في 22/6/ 1966 لمواجهة النظام السياسي الذي كان قائماً انذاك . ومما يجدر ذكره ان اكثر اعضاء فرولينات كانوا من الشمال والشرق ، كما أن اكثرهم من المسلمين ، وكانت تحت قيادة غوكوني عويدي ، وهو مسلم من قبائل التيبو الشمالية . أصبح رئيساً لتشاد للمدة من عام 79 ولغاية 1982 . ويعيش حالياً في منفاه الاختياري بالجزائر
(**) فيليكس معلوم (مالوم) . الرئيس الثاني لشاد 75 – 1979 ، مسيحي من الجنوب .
(*** ) اصيل احمد أغبش : زعيم قوات المجلس الديمقراطي ، اشترك في حكومة عويدي ، عربي مسلم .
([63]) محمد شريف جاكو ، ص65 .
([64]) أنظر في ذلك:
Sam G.Amoo, The challenge of Ethnicity and Conflicts in Africa, The need for A New Paradigm , Emergence Response Division. United Nations Development Programme .
New York , January 1997 . P30
؛ دنيز بولم ، الحضارات الافريقية ، ترجمة نسيم خضر (باريس ؛ بيروت ، منشورات عويدات ، ط2 ، 1982 )، ص79 ؛ محمود شاكر ، تشاد ، ص ص 13 ، 14 ، 53 ؛ عماد الدين خليل ، مأساتنا في افريقيا (بيروت : مؤسسة الرسالة 1978 ) ص 134 ؛ د. محمد صالح ايوب ، افريقيا والعرب . . . الثقافة والهوية . طرابلس : جامعة الناصر ، المائدة المستديرة العاشرة  / 2000 ص2 .
(*) أنظر الخريطة المرفقة مع هذا المبحث .
([65]) فضل كلود الدكو، الثقافة الاسلامية في تشاد ، ص90 وقارن مع : عبد الفتاح الغنيمي ، حركة المد الاسلامي في غربي افريقيا ، ص 135 .
([66]) د. عبد الرحمن الماحي ، ص86 .
([67])  المصدر نفسه ، ص86 .
([68]) نفسه ، ص ص 86 – 87 .
(*) خلك : بمعنى ثوب خلق في اللغة العربية الفصحى ، أي ثوب قديم وهو في العرف التشادي ثوب طويل واسع له فتحة مستديرة أو مستطيلة وكم طويل واسع بقدر طول الثوب تقريباً . المصدر نفسه، ص 95-96.
([69]) المصدر نفسه ، ص 92 .
([70]) المصدر نفسه ، ص ص 60 ، 92.
([71]) ابراهيم اسحق ابراهيم ، ص 299 .
(* ) أن اختلاف سوائمهم ناتج عن اختلاف البيئة بين الشمال والوسط و الجنوب.
([72]) د. محمد صالح ايوب ، افريقيا و العرب . . . المائدة المستديرة العاشرة ، ص3.
([73]) فضل كلود كلو ، ص 90 ؛ محمد درويش حوسى ، ص 7.
([74]) د. محمد صالح ايوب ، افريقيا والعرب ، ص3 ؛ فضل كلود كلو ، ص90 .
([75]) د. محمد صالح ايوب ، التغيرات الاجتماعية الكبرى ، ص ص 193 ، 194 ، 196 ، 197 ، 200.
(* ) يقول احصاء عام 1993 الرسمي في تنشاد أن نسبة المسلمين هي 54% .أنظر : د . محمد صالح ايوب ، افريقيا والعرب ، ص1 . ويرى الملحق الثقافي التشادي في بغداد الاستاذ كبرو حسين ، أن نسبتهم هي ما بين 60 – 80 % . أنظر المقابلة 28/3 / 2001 ، مصدر سابق . ويقول الدكتور الماحي ان نسبتهم هي 85% . مصدر سابق ، ص ص 25 ، 99 . مع العلم ان المذهب السائد بين مسلمي تشاد ، هو المذهب المالكي . أنظر : د. عبد الفتاح الغنيمي ، ص 49 ؛ وقارن مع : محمود شاكر ، تشاد ص61 .
([76]) ابراهيم اسحق ابراهيم ، هجرات الهلاليين ، ص299 .
([77]) وهو ربما يقصد بثها باللغة العربية ، لأنه تحدث عن ذلك في خضم حديثه عن واقع اللغة العربية في تشاد . أنظر : كلمة الاستاذ محمد احمد الحبو ، مصدر سابق ، ص 2 .
([78]) د. محمد صالح ايوب ، التغيرات الاجتماعية الكبرى ، ص160 .
([79]) عوض عبده محمد . حوارات ديمقراطية "حديث السودان" (بيروت : شركة طيبة للنشر والاعلام والتوثيق ، الطبعة الثانية 1995) الكتاب السياسي الدولي ، ص 23 .
([80]) د. عبد الرحمن عمر الماحي ، تشاد ، ص104 .
([81]) محمد درويش حوسى ، عرب تشاد ، ص 7.
([82]) أنظر المقابلة مع الملحق الثقافي التشادي ، مصدر سابق.
([83]) د. محمد صالح ايوب ، التغيرات الاجتماعة ، ص ص 152 – 153 .
(* )لمزيد من التفاصيل ، أنظر الجدول الذي يبين المجموعات العرقية الكبرى في تشاد.
([84])Bruce E. Arlinghaus . (ed.), African Security Issues : Sovereignty , Stability and
 Solidarity.
   Boulder , Colo : Westview Press , 1984 . (Westview Special Studies on Africa ) . P.173.
([85]) أنظر د. محمد صالح ايوب ، افريقيا والعرب ، ص2 ؛ وقارن مع : محمد احمد الحبو ، ص1 .
([86]) ايوب ، المصدر نفسه ، ص3 ، وقارن مع د. عبد الرحمن الماحي ، ص102 .
([87]) د. علي ابراهيم عبده ، مصر وافريقيا في العصر الحديث ، (القاهرة : دار القلم ، 1962 ) ص18 .
([88]) د. محمد صالح ايوب ، التغيرات الاجتماعية الكبرى ، ص3.
وقارن مع : د. ابراهيم علي طرخان ، امبراطورية البرنوالاسلامية ، ص ص 67 – 77 ؛ د. عبد الرحمن الماحي  ص76 .
(*) هناك الأن في المكتبات التشادية ، العديد من الوثائق التي تمثل تبادل رسائل بين سلطان مملكة وداي وسلطان باقرمي والامير رابح ، ومنشورات فرنسية [ بعد دخول فرنسا الى تشاد ] كلها مكتوبة باللغة العربية مما يدل على أنها كانت لغة تـفاهم بين المسؤولين والحكام في تشاد فضلاً عن عامة الشعب . وبعض المخطوطات والوثائق ، يعود تاريخها الى القرن الحادي عشر الميلادي ، بيد ان القرن الرابع عشر شهد التطور الأكبر لاستعمال اللغة العربية في الممالك التشادية ، حيث صارت (اللغة العربية) ، اللغة الرسمية المكتوبة للمالك والمجتمعات حول بحيرة تشاد وجوارها . 
([89]) الماحي ، ص102 .
([90]) المصد نفسه ، ص ص 72 ، 83 ؛ د. محمد صالح ايوب ، التغيرات الاجتماعية . . . ص ص 3 – 4 ؛ د. ابراهيم طرخان ، ص ص 67 – 77 .
(*) حاول المستعمر الفرنسي بكل السبل محاربة اللغة العربية في تشاد ومسخ الهوية الثقافية العربية – الاسلامية ، وأبدالها باللغة او الثقافة الفرنسية ، لذلك سعى هذا المستعمر الى ايقاف التعليم باللغة العربية ، وشرع في اقفال المدارس العربية ، كما أنه لم يفتح مدارس موازية (بالفرنسية) في المناطق المسلمة . بل أنه لم يتورع عن ارتكاب جرائم القتل بحق المدرسين والعلماء المسلمين او العاملين في حقل تدريس العربية . واهم حادثة يمكن الاشارة اليها في هذا المجال ، هي مذبحة الكبكب في مدينة (إبشة) باقليم وداي ، التي قتل الفرنسيون خلالها اكثر من اربعمائة عالم بعد ان جمعوهم في مكان واحد ، وشردوا – بعد ذلك جميع طلابهم وتلامذتهم واجبروهم على النزوح الى السودان ، وتم على اثرها اغلاق جميع مؤسسات التعليم العربي الاسلامي ومنع تدريس العربية والدراسات الاسلامية بشكل عام . وزاد من أمية المسلمين في تشاد رفض كثير منهم ارسال اولادهم الى المدارس الفرنسية التي اقامتها الادارة الفرنسية ، وعاقبتهم فرنسا على ذلك بأن رفضت هي بدورها فتح المدارس عموماً في الجزء المسلم من تشاد ، وهذا ميراث له تأثيره الى اليوم ، حيث لا يوجد محل مقارنة بين عدد المدارس الرسمية في المناطق المسلمة والمناطق المسيحية .لكن الفرنسيين ، وبعد تجربة نصف قرن من إبعاد اللغة العربية عن التعليم ، حاولوا في سنينهم الأخيرة في تشاد ارجاع اللغة العربية الى النظام التعليمي ، لذا اصدر الحاكم الفرنسي قراراً برقم (117) بتاريخ 11-10-1955 بقبول مدرسين رسميين لتدريس اللغة العربية في المدارس الرسمية . وكانت البداية مع ثانوية ابشة في وداي ، التي أختير لها ستة مدرسين، هم : مصطفى محمد ، ادم بركة ، محمود الامين عمر ، محمد ابكر ، جبل يونس ، الطيب دهب. وشيئاً فشيئاً أضطرت فرنسا للتسليم بالامر الواقع وسمحت بتدريس العربية في العاصمة ، ثم أنشئت ادارة خاصة تعنى بالتعليم العربي ، وكان يشرف عليها في البداية خبراء من فرنسا ولبنان .
أنظر فيما تقدم : د. عبد الرحمن الماحي ، ص83 ، 180 ؛ د. محمد صالح ايوب ، افريقيا والعرب ، ص20 ؛ ايوب ، التغيرات الاجتماعية ، ص ص 165 ، 174 ، 199 ، 201 – 202   
([91]) الماحي ، ص ص 72 ، 83 ؛ د. محمد صالح ايوب ، التغيرات الاجتماعية ، ص ص 3 ، 4.
([92]) محمد احمد الحبو ، ص1.
([93]) د. محمد صالح ايوب ، افريقيا والعرب ، ص4.
([94]) الماحي ، ص 103 .
([95]) ايوب ، افريقيا والعرب ، ص ص 3 – 4 .
([96]) ايوب ،التغيرات الاجتماعية ، ص 181 .
([97]) ايوب ، افريقيا والعرب ، ص ص 3 - 4.
([98]) عبد المنعم الصاوي (تقديم) ، دليل الدول الافريقية (القاهرة ، الجمعية الافريقية ، 1975 ) ص 172 .
([99]) ايوب ، التغيرات الاجتماعية ، ص 182 .
([100]) المصدر نفسه ، ص182 .
([101]) الماحي  ، ص126 .
([102] )  أنظر : ايوب ، ص 154 ، وقارن مع : السياسة الدولية ، العدد 129 تموز / 1997 ص 260 .
([103]) أنظر في ذلك : احمد ابراهيم جردة ، ص67 ؛ أيوب : افريقيا و العرب ، ص22 ؛ المقابلة مع الملحق الثقافي التشادي 28/3/2001 ؛ وقارن مع الدستور التشادي الذي نص في المادة السادسة : " اللغتان الرسميتان هما الفرنسية والعربية " . ص12 .
([104])  الماحي ، ص104 ؛ محمود شاكر ، تشاد ، ص61 ؛ د. عز الدين عمر موسى ، (الاسلام و افريقيا) . في مركز دراسات الوحدة العربية ، ندوة العرب وافريقيا . (بيروت :(المركز) ، 1984) ص 70.
([105]) المقابلة مع الملحق الثقافي ، مصدر سابق .
([106])ايوب ، افريقيا والعرب ، ص3.
([107]) ايوب ، التغيرات الاجتماعية ، ص 185 .
([108]) المصدر نفسه ، ص 185 ؛ محمود شاكر ، ص61.
([109]) د. عبد الرحمن الماحي ، ص180.
([110]) ايوب ، المصدر نفسه ، ص 186 ؛ حديث الملحق الثقافي التشادي ، مصدر سابق .
([111]) ايوب ، ص186 .
([112]) المصدر نفسه ، ص 186 .
([113]) المصدر نفسه ، ص203 .
([114]) نفسه ، ص 203 .
([115]) ايوب ، افريقيا والعرب، ص4. نقلاً عن احصاءات البنك الدولي. وقارن مع: محمد احمد الحبو،ص4
([116]) المصد نفسه ، ص4 .
([117]) المصدر نفسه ، ص ص 5 ، 22 .
([118]) د. ايوب ، التغيرات الاجتماعية ، ص ص 194 – 195 .
(*) أحمد غلام الله : عربي تشادي ، تمتد جذوره الى السودان ، كان تاجراً (( من الجلابة )) قبل انخراطه في السياسة عام 1947 . كان في بداية حياته السياسية مناهضاً للعلمانية والسلطة الاستعمارية الفرنسية ، لذا التف حوله سكان المناطق الشمالية ، املاً في احياء تراث بلادهم القديم على يديه. ومع الايام اكتسب مكانة كبيرة في نفوس الشعب التشادي ، لذا عدته فرنسا معادياً لها في سياسته ، لا سيما وانه كان على خلاف مع الاحزاب التشادية المواليه لفرنسا – لكنه كان في الوقت نفسه على علاقة جيدة مع الاشتراكيين الفرنسيين . بيد ان مايؤخذ على احمد غلام الله انه سعى في مرحلة لاحقه للحصول على النظام الأساسي بدلاً من الاستقلال عن فرنسا ، وكانت مبادرة لم تكن متوقعة منه . ففي 23/8/1959 قال غلام الله متحدثاً باسم الحركة الاشتراكية الافريقية (( ان دستورنا يدعو الى الاستقلال ، ولكن هذا الاستقلال يكون عديم الفائدة إذا حصلنا عليه الأن ، فالاستقلال معناه اعباء مضاعفة يجب على الشعب التشادي ان يتحملها ، وان الحركة الاشتراكية الافريقية ، تفضل الوضع الراهن الى ان تكتسب الاستقلال تدريجياً )) . لذلك أخذ عليه خصومه ، أنه غير ثابت على مبدأ معين . ومما يدل على ذلك ، ان غلام الله بعد ان شعر بضغوط الفرنسيين قال  أمام البرلمان الاقليمي : (ان القليل منا فقط هم الذين يقودون العناصر العربية في تشاد ، وقد قيل بانني ممثل للناصرية والجامعة العربية . . . ولكن الزمن سيكشف الحقيقة . . . ان الفرنسيين هنا من اجل بناء تشاد وبالنسبة لي فانني اعمل من اجل الوطن وفوق كل شيء انني تشادي وافريقي ، اتحدث باسم الحركة الاشتراكية الافريقية ، وهي حركة تنبثق من الحزب الاشتراكي الفرنسي ، وتتعاون مع الاحزاب الموجودة في تشاد . . .  لأنني فرنسي وساظل اردد هذا القول ، وليس ذلك من دافع الخوف ، ولكن من دافع الايمان بهذا القول ) . وهذا يبين عدم ثبوت ((غلام الله)) على مبدأ سياسي معين ، وقد خيب بذلك امل الكثيرين من انصاره الذين كانوا يعتقدون انه الزعيم الوطني الذي يمكن ان يقود البلاد الى الاستقلال في ظل نظام يكفل لها الأمن والاستقرار والعدالة الاجتماعية .
أنظر في ذلك : د. عبد الرحمن عمر الماحي ، ص ص 213 – 239 ؛ احمد ابراهيم جردة ، ص 67.          
([119]) عبد المجيد قوار ، ( الأزمة التشادية وحتمية التصالح الوطني ) ، المجلة الجزائرية للعلاقات الدولية ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر : العدد (8) ، الفصل الرابع ،1987، ص 17. 
([120]) الماحي ، ص220 .
([121])المصدر نفسه ، ص ص 220 ، 223 .
([122]) المصدر نفسه ، ص ص 222 – 227 .
([123]) نفسه ، ص ص 238 – 239 .
([124])  احمد ابراهيم جردة ، ص67 ؛ وقارن مع حوسى ، ص7.
(*) فرانسوا تومبالباي 1960 – 1975 اول رئيس رسمي لتشاد 1960 – 1975 زعيم الحزب التقدمي التشادي ، كان مرتبطا بفرنسا ، حاول في السنين الاخيرة الخروج على النفوذ الفرنسي والانفتاح على العرب إلا أن فرنسا دفعت عبد القادر كاموجي للانقلاب عليه ،واصبح فيليكس معلوم رئيساً في13/4/1975
([125]) حوسى ، ص7 .
([126]) الماحي ، ص 230 .
([127]) قوار ، ص 31 .
([128]) المصدر نفسه ، ص ص 31 ، 26 .
([129]) صحيفة الوحدة : الجبهة الوطنية التشادية الحديثة ، 15 /3/1998 ، ص7.
([130]) المصدر نفسه ، ص8 .
([131]) د. محمد صالح ايوب ، التغيرات الاجتماعية ، ص ص 188 – 189 .
([132]) حوسى ، عرب تشاد ، ص7 .